السماوات والا رض أعدت للمتقين) * وقوله تعالى * (سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السمآء والا رض) *، فقوله * (وسارعوا) * وقوله * (سابقوا إلى مغفرة) * فيه الأمر بالمسارعة، والمسابقة إلى مغفرته، وجنته جل وعلا، وذلك بالمبادرة، والمسابقة إلى امتثال أوامره، ولا شك أن المسارعة والمسابقة كلتاهما على الفور، لا التراخي وكقوله * (فاستبقوا الخيرات) *، ويدخل فيه الاستباق إلى الامتثال وصيغ الأمر في قوله * (وسارعوا) * وقوله: * (سابقوا) *، وقوله * (فاستبقوا) * تدل على الوجوب، لأن الصحيح المقرر في الأصول: أن صيغة أفعل إذا تجردت عن القرائن، اقتضت الوجوب، وإليه أشار في المراقي بقوله: * وأفعل لدى الأكثر للوجوب * الخ وذلك لأن الله تعالى يقول * (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) * وقال جل وعلا * (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) * فصرح جل وعلا، بأن أمره قاطع للاختيار، موجب للامتثال، وقد سمى نبيه موسى عليه، وعلى نبينا الصلاة والسلام مخالفة الأمر معصية، وذلك في قوله * (أفعصيت أمرى) * يعني قوله له: * (اخلفنى فى قومى وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين) * وإنما قال موسى لأخيه هارون، قبل أن يعلم حقيقة الحال، فلما علمها قال: * (رب اغفر لى ولأخى وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين) * ومما يدل على اقتضاء الأمر الوجوب: أن الله جل وعلا، عنف إبليس، لما خالف الأمر بالسجود، وذلك في قوله * (قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك) * والنصوص بمثل هذا كثيرة، وقد أجمع أهل اللسان العربي: أن السيد لو قال لعبده: اسقني ماء مثلا، فلم يمتثل أمره فأدبه على ذلك، أن ذلك التأديب واقع موقعه، لأنه عصاه بمخالفة أمره، فلو قال العبد: ليس لك أن تؤدبني، لأن أمرك لي بقولك: اسقني ماء لا يقتضي الوجوب لقال له أهل اللسان: كذبت، بل الصيغة ألزمتك، ولكنك عصيت سيدك، فدل ما ذكر على أن الشرع واللغة، دلا على اقتضاء الأمر المجرد الوجوب، وذلك يدل على أن قوله: * (سابقوا) * وقوله * (وسارعوا) * يدل على وجوب المبادرة إلى امتثال أوامر الله فورا.
ومن الآيات التي فيها الثناء على المبادرين إلى امتثال أوامر ربهم قوله تعالى