ليلا أيضا لأن النائم معطل الحواس فكان محتاجا لساتر عما يضره فهو أحوج ما يكون للدثار وضرب خيام الاستتار وفي " الكشف " أن المطابقة بين قوله تعالى: * (وجعلنا الليل لباسا) * وقوله سبحانه: * (وجعلنا النهار معاشا) * مصرحة وفيه مطابقة معنوية أيضا مع قوله تعالى: * (وجعلنا النوم) * من حيث أن النهار وقت اليقظة والمعاش في مقابلة السبات لأنه حركة الحي ومنه علم أن قوله تعالى: * (وجعلنا الليل لباسا) * غير مستطرد ووجه النظم أنه لما ذكر خلقهم أزواجا استوفى أحوالهم مقترنين ومفترقين اه وفيه تعريض بالطيبي حيث زعم الاستطراد إذا أريد بالمعاش اليقظة وبالسبات الموت.
* (وبنينا فوقكم سبعا شدادا) * * (وبنينا فوقكم سبعا شدادا) * أي سبع سموات قوية الخلق محكمة لا يسقط منها ما يمنعكم المعاش والتعبير عن خلقها بالبناء للإشارة إلى تشبيها بالقباب المبنية على سكنتها وقيل للإشارة إلى أن خلقها على سبيل التدريج وليس بذاك وفيه أن السماء خيمية لا سطح مستو وفي الآثار ما يشهد له ولا يأباه جعلها سقفا في آية أخرى وقد صح في العرش ما يشهد بخيمية أيضا والفلاسفة السالفون على استدارتها ويطلقون عليها اسم الفلك واستدلوا على ذلك حسب أصولهم بعد الاستدلال على استدارة السطح الظاهر من الأرض ولا يكاد يتم لهم دليل عليه قالوا الذي يدل على استدارة السماء هو أنه متى قصدنا عدة مساكن على خط واحد من عرض الأرض وحصلنا الكواكب المارة على سمت الرأس في كل واحدة منها ثم اعتبرنا أبعاد ممرات تلك الكواكب في دائرة نصف النهار بعضها من بعض وجدناها على نسب المسافات الأرضية بين تلك المساكن. كذلك وجدنا ارتفاع القطب فيها متفاضلا بمثل تلك النسب فتحدب السماء في العرض مشابه لتحدب الأرض فيه لكن هذا التشابه موجود في كل خط من خطوط العرض وكذا في كل خط من خطوط الطول فسطح السماء بأسره مواز لسطح الظاهر من الأرض بأسره وهذا السطح مستدير حسا فكذا سطح السماء الموازي له وأيضا أصحاب الأرصاد دونوا مقادير أجرام الكواكب وإبعاد ما بينها في الأماكن المختلفة في وقت واحد كما في إنصاف نهار تلك الأماكن مثلا متساوية وهذا يدل على تساوي إبعاد مراكز الكواكب عن منظر الأبصار المستلزم لتساوي أبعادها عن مركز العالم لاستدارة الأرض المستلزم لكون السماء كرية وزعموا أن هذين أقرب ما يتمسك بهما في الاستدارة من حيث النظر التعليمي وفي كل مناقشة أما الثاني فالمناقشة فيه أنه إنما يصح لو كان الفلك عندهم ساكنا والكوكب متحركا إذ لو كان السماء متحركا جاز أن يكون مربعا ويكون مساواة أبعاد مراكز الكواكب عن مناظر الأبصار وتساوي مقادير الأجرام للكواكب حاصلا وأما الأول: فالمناقشة فيه أنه إنما يصح لو كان الاعتدال المذكور موجودا في كل خط من خطوط الطول والعرض وهو غير معلوم وأما غير ماذكر من أدلتهم فمذكور مع ما فيه في نهاية الإدراك في دراية الأفلاك فارجع إليه إن أردته بقي ههنا بحث وهو أن العطف إذا كان على الفعل المنفي بلم داخلا في حكمه يلزم أن يكون بناه سبع سموات شداد فوق معلوما للمخاطبين وهم مشركو مكة المنكرون للبعث كما سمعت ليتأتى تقريرهم به كسائر الأمور السابقة واللاحقة فيقال إن كون السموات سبعا مما لا يدرك بالكمشاهدة وهم المكذبون بالنبي صلى الله عليه وسلم فلا يصدقونه بمثل ذلك مما معرفته بحسب الظاهر إنما هي من طريق الوحي وأجيب بأنهم علموا ذلك بواسطة مشاهدتهم اختلاف حركات السيارات السبع مع اختلاف أبعادها بعضها عن بعض وذلك أنهم علموا السيارات واختلاف حركاتها وعلموا أن بعضها فوق بعض لخسف بعضها بعضا فقالوا في باديء النظر بسبع سموات كل سماء لكوكب من هاتك الكواكب ولا يلزمنا البحث عما قالوا في الثواب وفي المحرك لها وللسبع بالحركة اليومية إذ هو وراء ما نحن فيه واعترض بأن هذا لا يتم إلا إذا كانوا قائلين بأن السماء