أخذا من استقراء كلامهم فمعنى التراب يابس والماء بارد كل ما فيه هاتان الماهيتان حاله كذا فلو قلت في قولهم النوم ينقض الطهارة النوم مع الجلوس لا ينقضها لكان مناقضا لذلك اللفظ انتهى وهو يؤيد إرادة ذلك هنا لأن الغيب كالماء يقع على القليل والكثير بلفظ واحد ولا يضر في ذلك جمعه على غيوب كما لا يضر فيه جمع الماء على مياه وكذا المراد بغيبه جميع غيبه وقد نص عليه عزمي زاده معللا له بكون اسم الجنس المضاف بمنزلة المعرف باللام سيما إذا كان في الأصل مصدرا وعزى إلى شرح المقاصد ما يقتضيه وربما يقال يفهم ذلك أيضا من اعتبار كون الإضافة للعهد وان المعهود هو الغيب المستغرق أو من اعتبارها للاختصاص وان الغيب المختص به تعالى بمعنى المختص علمه سبحانه به هو كل غيب واعتناء بشأن الاختصاص جيء بالمظهر موضع المضمر والجملة استئناف لدفع توهم نقص من نفي الدراية والفاء لترتيب عدم الإظهار على تفرده تعالى بعلم الغيب والمراد بالإظهار المنفى الاطلاع الكامل الذي تنكشف به جلية الحال على أتم وجه كما يرشد إليه حرف الاستعلاء فكأنه قيل ما على إذا قلت ما أدري قرب ذلك الموعد الغيب ولا بعده فالله سبحانه وتعالى عالم كل غيب وحده فلا يطلع على ذلك المختص علمه به تعالى اطلاعا كاملا أحدا من خلقه ليكون اليق بالتفرد وأبعد عن توهم مساواة علم خلقه لعلمه سبحانه وإنما يطلع جل وعلا إذا اطلع من شاء على بعضه مما تقتضيه الحكمة التي هي مدار سائر أفعاله عز وجل وما نفيت عني العلم به مما لم يطلعني الله تعالى عليه لما أن الاطلاع عليه مما لا تقتضيه الحكمة التشريعية التي يدور عليها فلك الرسالة بل هو مخل بها وان شئت فاعتبر الجلمة واقعة موقع التعليل لنفي الدراية السابقة ولما كان مساق الكلام ما قد يتوهمون منه أنه عليه الصلاة والسلام لم يطلع على شيء من الغيب عقب عز وجل الكلام بالاستثناء المنقطع كما روي في البحر عن ابن عباس الذي هو بمعنى الاستدراك لدفع ذلك على أبلغ وجه حيث عمم الأمر في الرسل المرتضين وأقام كيفية الاظهار مقام الاظهار مع الإشارة إلى البعض الذي اطلعوا عليه المناسب لمقام الدعوة فقال عز من قائل:
* (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا) * * (عالم الغيب) * بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو سبحانه عالم الغيب وجوز أبو حيان كونه بدلا من ربي وغيره أيضا كونه بيانا له ويأبى الوجهين الفاء في قوله تعالى: * (فلا يظهر على غيبه أحدا) * إذ يكون النظم حينئذ أم يجعل له عالم الغيب أمدا فلا يظهر على غيبه أحدا وفيه من الاخلال ما لا يخفى وإضافة عالم إلى الغيب محضة لقصد الثبات فيه فيفيد تعريف الطرفين التخصيص وتعريف الغيب للاستغراق وفي الرضى أن اسم الجنس أعني الذي يقع على القليل والكثير بلفظ الواحد إذا استعمل ولم تقم قرينة تخصصه ببعض ما يصدق عليه فهو في الظاهر لاستغراق الجنس أخذا من استقراء كلامهم فمعنى التراب يابس والماء بارد كل ما فيه هاتان الماهيتان حاله كذا فلو قلت في قولهم النوم ينقض الطهارة النوم مع الجلوس لا ينقضها لكان مناقضا لذلك اللفظ انتهى وهو يؤيد إرادة ذلك هنا لأن الغيب كالماء يقع على القليل والكثير بلفظ واحد ولا يضر في ذلك جمعه على غيوب كما لا يضر فيه جمع الماء على مياه وكذا المراد بغيبه جميع غيبه وقد نص عليه عزمي زاده معللا له بكون اسم الجنس المضاف بمنزلة المعرف باللام سيما إذا كان في الأصل مصدرا وعزى إلى شرح المقاصد ما يقتضيه وربما يقال يفهم ذلك أيضا من اعتبار كون الإضافة للعهد وان المعهود هو الغيب المستغرق أو من اعتبارها للاختصاص وان الغيب المختص به تعالى بمعنى المختص علمه سبحانه به هو كل غيب واعتناء بشأن الاختصاص جيء بالمظهر موضع المضمر والجملة استئناف لدفع توهم نقص من نفي الدراية والفاء لترتيب عدم الإظهار على تفرده تعالى بعلم الغيب والمراد بالإظهار المنفى الاطلاع الكامل الذي تنكشف به جلية الحال على أتم وجه كما يرشد إليه حرف الاستعلاء فكأنه قيل ما على إذا قلت ما أدري قرب ذلك الموعد الغيب ولا بعده فالله سبحانه وتعالى عالم كل غيب وحده فلا يطلع على ذلك المختص علمه به تعالى اطلاعا كاملا أحدا من خلقه ليكون اليق بالتفرد وأبعد عن توهم مساواة علم خلقه لعلمه سبحانه وإنما يطلع جل وعلا إذا اطلع من شاء على بعضه مما تقتضيه الحكمة التي هي مدار سائر أفعاله عز وجل وما نفيت عني العلم به مما لم يطلعني الله تعالى عليه لما أن الاطلاع عليه مما لا تقتضيه الحكمة التشريعية التي يدور عليها فلك الرسالة بل هو مخل بها وان شئت فاعتبر الجلمة واقعة موقع التعليل لنفي الدراية السابقة ولما كان مساق الكلام ما قد يتوهمون منه أنه عليه الصلاة والسلام لم يطلع على شيء من الغيب عقب عز وجل الكلام بالاستثناء المنقطع كما روي في البحر عن ابن عباس الذي هو بمعنى الاستدراك لدفع ذلك على أبلغ وجه حيث عمم الأمر في الرسل المرتضين وأقام كيفية الاظهار مقام الاظهار مع الإشارة إلى البعض الذي اطلعوا عليه المناسب لمقام الدعوة فقال عز من قائل:
* (إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا) * * (إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا) * أي لكن الرسول المرتضى يظهره جل وعلا على بعض الغيوب المتعلقة برسالته كما يعرب عنه بيان من ارتضى بالرسول تعلقا ما اما لكونه من مباديها بأن يكون معجزة واما لكونه من أركانها وأحكامها كعامة التكاليف الشرعية وكيفيات الأعمال وأجزيتها ونحو ذلك من الأمور الغيبية التي بيانها من وظائف الرسالة بأن يسلك من جميع جوانبه عند اطلاعه على ذلك حرسا من الملائكة عليهم السلام يحرسونه من تعرض الشياطين لما أريد اطلاعه عليه اختطافا أو تخليطا.
* (ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شىء عددا) * * (ليعلم) * متعلق بيسلك وعلة له والضمير لمن أي لأجل أن يعلم ذلك المرتضى الرسول ويصدق تصديقا جازما ثابتا مطابقا للواقع * (أن قد أبلغوا) * أي الشأن قد أبلغ إليه الرصد وهو من قبيل بنوا تميم قتلوا زيدا فإن المبلغ في الحقيقة واحد معهم وهو جبريل عليه السلام كما هو المشهور من أنه المبلغ من بين الملائكة عليهم السلام إلى الأنبياء * (رسالات ربهم) * وهي الغيوب المظهر عليها كما هي من غير اختطاف ولا تخليط وعلى هذا فليكن من مبتدأ وجملة أنه يسلك خبره وجىء بالفاء لكونه اسم موصول وقوله تعالى: * (وأحاط بما لديهم) * أي بما عند الرصد * (وأحصى كل شيء) * أي مما كان ومما سيكون * (عددا) * أي فردا فردا حال من فاعل يسلك بتقدير قد أو بدونه جىء به لمزيد الاعتناء بأمر علمه تعالى بجميع الأشياء وتفرده سبحانه بذلك على أتم وجه بحيث لا يشاركه سبحانه في ذلك الملائكة الذين هم وسائط العلم فكأنه قيل لكن المرتضى الرسول يعلمه الله تعالى بواسطة الملائكة بعض الغيوب مما له تعلق ما برسالته والحال أنه تعالى قد أحاط علما بجميع أحوال أولئك