تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٩ - الصفحة ٥٤
عذر لمدعيها في ترك الإيمان وهو أكفر من حمار بخلاف مباينته للكهانة فإنها تتوقف على تذكر أحواله صلى الله عليه وسلم ومعاني القرآن المنافية لطريق الكهانة ومعاني أقوالهم وتعقب بأن ذلك أيضا مما يتوقف على تأمل قطعا وأجيب بأنه يكفي في الغرض الفرق بينهما أن توقف الأول دون توقف الثاني.
* (تنزيل من رب الع‍المين) * * (تنزيل) * أي هو تنزيل * (من رب العالمين) * نزله سبحانه على لسان جبريل عليه السلام وقرأ أبو السمال تنزيلا بالنصب بتقدير نزله تنزيلا.
* (ولو تقول علينا بعض الاقاويل) * * (ولو تقول علينا بعض الأقاويل) * التقول الافتراء وسمي تقولا لأنه قول متكلف والأقاويل الأقوال المفتراة وهي جمع قول على غير القياس أو جمع أقوال فهو جمع الجمع كأناعيم جمع أنعام وأبابيت جمع أبيات وفي " الكشاف " سمى الأقوال المتقولة أقاويل تصغيرا لها وتحقيرا كقولك الأعاجيب والأضاحيك كأنها جمع أفعولة من القول وتعقبه ابن المنير بأن أفعولة من القول غريب عن القياس التصريفي وأجيب بأنه غير وارد لأن مراده أنه جمع لمفرد غير مستعمل لأنه لا وجه لاختصاصه بالافتراء غير ما ذكر والأحسن أن يقال بمنع اختصاصه وضعا وأنه جمع على ما سمعت والتحقير جاء من السياق والمراد لو ادعى علينا شيئا لم نقله.
* (لأخذنا منه باليمين) * * (لأخذنا منه) * أي لأمسكناه وقوله تعالى: * (باليمين) * أي بيان بيمينه بعد الإبهام كما في قوله سبحانه: * (ألم نشرح لك صدرك) *.
* (ثم لقطعنا منه الوتين) * * (ثم لقطعنا منه الوتين) * أي وتينه وهو كما قال ابن عباس نياط القلب الذي إذا انقطع مات صاحبه وعن مجاهد أنه الحبل الذي في الظهر وهو النخاع وقال الكلبي هو عرق بين العلباء وهي عصب العنق والحلقوم وقيل عرق غليظ تصادفه شفرة الناحر ومنه قول الشماخ بن ضرار: إذا بلغتني وحملت رحلي * عرابة فأشرقي بدم الوتين وهذا تصوير للإهلاك بأفظع ما يفعله الملوك بمن يغضبون عليه وهو أن يأخذ القتال بيمينه ويكفحه بالسيف ويضرب عنقه وعن الحسن أن المعنى لقطعنا يمينه ثم لقطعنا وتينه عبرة ونكالا والباء عليه زائدة وعن ابن عباس أن اليمين بمعنى القوة والمراد أخذ بعنف وشدة وضعف بأن فيه ارتكاب مجاز من غير فائدة وأنه يفوت فيه التصوير والتفصيل والإجمال ويصير منه زائدا لا فائدة فيه وقرأ ذكوان وابنه محمد ولو يقول مضارع قال وقرىء ولو تقول مبنيا للمفعول فنائب الفاعل بعض أن كان قد قرىء مرفوعا وإن كان قد قرىء منصوبا فهو علينا.
* (فما منكم من أحد عنه ح‍اجزين) * * (فما منكم) * أيها الناس * (من أحد عنه) * أي عن هذا الفعل وهو القتل * (حاجزين) * أي مانعين يعني فما يمنع أحد عن قتله واستظهر عود ضمير عنه لمن عاد عليه ضمير تقول والمعنى فما يحول أحد بيننا وبينه والظاهر في حاجزين أن يكون خبرا لما على لغة الحجازيين لأنه هو محط الفائدة ومن زائدة واحد اسمها ومنكم قيل في موضع الحال منه لأنه لو تأخر لكان صفة له فلما تقدم أعرب حالا كما هو الشائع في نعت النكرة إذا تقدم عليها ونظر في ذلك وقيل للبيان أو متعلق بحاجزين كما تقول ما فيك زيد راغبا ولا يمنع هذا الفصل من انتصاب خبر ما وقال الحوفي وغيره: إن حاجزين نعت لأحد وجمع على المعنى لأنه في معنى الجماعة يقع في النفي العام للواحد والجمع والمذكر والمؤنث ومنه لا نفرق بين أحد من رسله ولستن كأحد من النساء فأحد مبتدأ والخبر منكم وضعف هذا القول بأن النفي يتسلط على الخبر وهو كينونته منكم فلا يتسلط على الحجز مع أنه الحقيق بتسلطه عليه.
* (وإنه لتذكرة للمتقين) * * (وإنه) * أي القرآن * (لتذكرة للمتقين) * لأنهم المنتفعون به.
* (وإنا لنعلم أن منكم مكذبين) * * (وإنا لنعلم أن منكم مكذبين) * فنجازيهم على تكذيبهم وقيل الخطاب للمسلمين والمعنى أن منهم ناسا سيكفرون بالقرآن.
* (وإنه لحسرة على الك‍افرين) * * (وإنه) * أي القرآن * (لحسرة) * عظيمة * (على الكافرين) * عند مشاهدتهم لثواب المؤمنين وقال مقاتل وأن تكذيبهم بالقرآن لحسرة عليهم فأعاد الضمير للمصدر المفهوم من قوله تعالى مكذبين والأول أظهر.
* (وإنه لحق اليقين) *
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»