تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٩ - الصفحة ٤٧
ساكنة بعد الهاء للكل السادسة أن تصرف هذه الجملة تصريف دع السابعة أن تصرفها تصريف خف ومن ذلك ما حكى الكسائي من قول من قيل له هاء بالفتح الام إهاء وإهاء بفتح همزة المتكلم وكسرها الثامنة أن تلحق الألف همزة وتصرفها تصريف ناد والثلاثة الأخيرة أفعال غير متصرفة لا مضي لها ولا مضارع وليست بأسماء أفعال قال الجوهري هاء بكسرة الهمزة بمعنى هات وبفتحها بمعنى خذ وإذا قيل لك هاء بالفتح قلت ما أهاء أي ما آخذ وما أهاء على مالم يسم فاعله أي ما أعطى وهذا الذي قال مبني على السابعة نحو ما أخاف وما أخاف انتهى. وقال أبو القاسم فيها لغات أجودها ما حكاه سيبويه في كتابه فقال العرب تقول هاء يا رجل بفتح الهمزة وهاء يا امرأة بكسرها وهاؤما يا رجلان أو امرأتان وهاؤم يا رجال وهاؤن يا نسوة فالميم في هاؤم كالميم في أنتم وضمها كضمها في بعض الأحيان وفسر ههنا بخذوا وهو متعد بنفسه إلى المفعول تعديته والمفعول محذوف دل عليه المذكور أعني كتابيه وهو مفعول اقرؤا واختير هذا دون العكس لأنه لو كان مفعول هاؤم لقيل اقرؤه إذ الأولى إضمار الضمير إذا أمكن كما هنا وإنما لم يظهر في الأول لئلا يعود على متأخر لفظا ورتبة وهو منصوب مع أن العامل على اللغة الجيدة اسم فعل فلا يتصل به الضمير وقيل هاؤم بمعنى تعالوا فيتعدى بإلى وزعم القتبي أن الهمزة بدل من الكاف قيل وهو ضعيف إلا إن كان قد عنى أنها تحل محلها في لغة كما سمعت فيمكن لا أنه بدل صناعي لأن الكاف لا تبدل من الهمزة ولا الهمزة منها وقيل هاؤم كلمة وضعت لإجابة الداعي عند الفرح والنشاط وفي الحديث أنه عليه الصلاة والسلام ناداه إعرابي بصوت عال فجاوبه صلى الله عليه وسلم هاؤم بصولة صوته وجوز إرادة هذا المعنى هنا فإنه يحتمل أن ينادي ذلك المؤتى كتابه بيمينه أقرباؤه وأصحابه مثلا ليقرؤا كتابه فيجيبهم لمزيد فرحه ونشاطه بقوله هاؤم وزعم قوم أنها مركبة في الأصل ها أموا أي اقصدوا ثم نقله التخفيف والاستعمال إلى ما ذكر وزعم آخرون أن الميم ضمير جماعة الذكور والهاء في كتابيه وكذا في حسابيه وماليه وسلطانيه وكذا ماهيه في القارعة للسكت لا ضمير غيبة فحقها أن تحذف وصلا وتثبت وقفا لتصان حركة الموقوف عليه فإذا وصل استغنى عنها ومنهم من أثبتها في الوصل لإجرائه مجرى الوقف أو لأنه وصل بنية الوقف والقراآت مختلفة فقرأ الجمهور بإثباتها وصلا ووقفا قال الزمخشري اتباعا للمصحف الإمام وتعقبه ابن المنير فقال تقليل القراءة باتباع المصحف عجيب مع أن المعتقد الحق أن القراآت بتفاصيلها منقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأطال في التشنيع عليه وهو كما قال وقرأ ابن محيصن بحذفها وصلا ووقفا وإسكان الياء فيما ذكر ولم ينقل ذلك في ماهيه فيما وقفت عليه وابن أبي إسحق والأعمش بطرح الهاء فيهن في الوصل لا في الوقف وطرحها حمزة في مالي وسلطاني وما هي في الوصل لا في الوقف وفتح الياء فيهن وما قاله الزهراوي من أن إثبات الهاء في الوصل لحن لا يجوز عند أحد علمته ليس بشيء فإن ذلك متواتر فوجب قبوله.
* (إنى ظننت أنى مل‍اق حسابيه) * * (إنى ظننت أني ملاق حسابيه) * أي علمت ذلك كما قاله الأكثرون بناء على أن الظاهر من حال المؤمن تيقن أمور الآخرة كالحساب فالمنقول عنه ينبغي أن يكون كذلك لكن الأمور النظرية لكون تفاصيلها لا تخلو عن تردد ما في بعضها مما لا يفوت اليقين فيه كسهولة الحساب وشدته مثلا عبر عن العلم بالظن مجازا للإشعار بذلك وقيل لما كان الاعتقاد بأمور الآخرة مطلقا مما لا ينفك عن الهواجس والخطرات النفسية كسائر العلوم النظرية نزل منزلة الظن فعبر عنه به لذلك وفيه إشارة إلى أن ذلك غير قادح في الايمان وجوز أن يكون الظن على حقيقته على أن يكون المراد من حسابه ما حصل له من الحساب اليسير فإن ذلك مما لا يقين له به وإنما ظنه ورجحه لمزيد وثوقه برحمة الله تعالى عز وجل ولعل
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»