تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٩ - الصفحة ١٧٣
عند مجيئه وحصوله والوجه هو الأول كما قال جار الله وتحقيقه كما في " الكشف " أن توقيت الشيء تحديده وتعيين وقته فإيقاعه على الذوات بإضمار لأن المؤقت هو الإحداث لا الجثث ويجىء بمعنى جعل الشيء منتهيا إلى وقته المحدود وعلى هذا يقع عليها دون إضمار إذا كان بينها وبين ذلك الوقت ملابسة وإنما كان لوجه لأن القيامة ليست وقتا يتبين فيه وقت الرسل الذي يحضرون فيه للشهادة بل هي نفس ذلك الوقت وإذا الرسل أقتت يقتضي ذلك لأنك إذا قلت إذا أكرمتني أكرمتك اقتضى أن يكون زمان إكرام المخاطب للمتكلم هو ما دل عليه إذا سواء جعل الظرف معموله أو معمول الجزاء أي فلا بد من التأويل وقد أشير إليه في ضمن التفسير وقرأ النخعي والحسن وعيسى وخالد أقتت بالهمزة وتخفيف القاف وقرأ أبو الأشهب وعمرو بن عبيد وأبو عمرو وعيسى أيضا وقتت بالواو على الأصل لأن الهمزة مبدلة من الواو المضمومة ضمة لازمة وهو أمر مطرد كما بين في محله وقال عيسى وقتت لغة سفلى مضر وقرأ عبد الله بن الحسن وأبو جعفر وقتت بواو واحدة وتخفيف القاف وقرأ الحسن أيضا ووقتت بواوين على وزن فوعلت وإذا في جميع ما تقدم شرطية وقوله تعالى:
* (لأي يوم أجلت) * * (لأي يوم أجلت) * قيل مقول لقول مقدر هو جواب إذا أي يقال: * (لأي يوم) * الخ وجعل التأجيل بمعنى التأخير من قولهم دين مؤجل في مقابل الحال والضمير لما يشعر به الكلام والاستفهام للتعظيم والتعجيب من هول ذلك اليوم أي إذا كان كذا وكذا يقال لأي يوم أخرت الأمور المتعلقة بالرسل من تعذيب الكفرة وإهانتهم وتنعيم المؤمنين ورعايتهم وظهور ما كانت الرسل عليهم السلام تذكره من الآخرة وأحوالها وفظاعة أمورها وأهوالها وجوز أن يكون الضمير للأمور المشار إليها فيما قبل من طمس النجوم وفرج السماء ونسف الجبال وتاقيت الرسل وأن يكون للرسل إلا أن المعنى على نحو ما تقدم وقيل أن يكون القول المقدر في موضع الحال من مرفوع أقتت أي مقولا فيها لأي يوم أجلت وأن تكون الجملة نفسها من غير تقدير قول في موضع المفعول الثاني لاقتت على أنه بمعنى أعلمت كأنه قيل وإذا الرسل أعلمت وقت تأجيلها أي بمجيئه وحصوله وجواب إذا على الوجهين قيل قوله تعالى الآتي: * (ويل يومئذ للمكذبين) * وجاء حذف الفاء في مثله وقيل محذوف لدلالة الكلام عليه أي وقع الفصل أو وقع ما توعدون واختار هذا أبو حيان ويجوز على احتمال كون الجواب ويل يومئذ للمكذبين أو تقدير المقدر مؤخرا كون جملة لأي يوم أجلت اعتراضا لتهويل شأن ذلك اليوم وقوله تعالى:
* (ليوم الفصل) * * (ليوم الفصل) * بدل من لأي يوم مبين له وقيل متعلق بمقدر تقديره أجلت ليوم الفصل بين الخلائق.
* (ومآ أدراك ما يوم الفصل) * * (وما أدراك ما يوم الفصل) * أي أي شيء جعلك داريا ما هو على أن ما الأولى مبتدأ وإدراك خبره وما الثانية خبر مقدم ويوم مبتدأ مؤخر لا بالعكس كما اختاره سيبويه لأن محط الفائدة بيان كون يوم الفصل أمرا بديعا لا يقادر قدره ولا يكتنه كنهه كما يفيده خبرية ما لا بيان كون أمر بديع من الأمور يوم الفصل كما يفيده عكسه ووضع الظاهر موضع الضمير لزيادة التفظيع والتهويل المقصودين من الكلام.
* (ويل يومئذ للمكذبين) * * (ويل يومئذ للمكذبين) * أي في ذلك اليوم الهائل وويل في الأصل مصدر بمعنى هلاك وكان حقه النصب بفعل من لفظه أو معناه إلا أنه رفع على الابتداء للدلالة على ثبات الهلاك ودوامه للمدعو عليه ويومئذ ظرفه أو صفته فمسوغ الابتداء به ظاهر والمشهور أن مسوغ ذلك كونه للدعاء كما في سلام عليكم.
* (ألم نهلك الاولين) * * (ألم نهلك الأولين) * كقوم نوح وعاد وثمود وقرأ قتادة نهلك بفتح النون على أنه من هلكه بمعنى أهلكه ومنه هالك بمعنى مهلك كما هو الظاهر في قول العجاج: ومهمه هالك من تعرجا * هائلة أهواله من أدرجا
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»