تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٩ - الصفحة ١٤٨
بدنه إلى القبر وهؤلاء يجهزون روحه إلى السماء فكأنهم للاختلاف في الذهاب والاياب والتردد في الأعمال قد التفت أسوقهم وهذا الالتفاف على حد اشتباك الا سنة.
* (إلى ربك يومئذ المساق) *.
* (إلى ربك يومئذ المساق) * أي إلى الله تعالى وحكمه سوقه لا إلى غيره على أن المساق مصدر ميمي كالمقال وتقديم الخبر للحصر والكلام على تقدير مضاف هو حكم وقيل هو موعد والمراد به الجنة والنار وقيل ليس هناك مضاف مقدر على أن الرب جل شأنه هو السائق أي سوق هؤلاء مفوض إلى ربك لا إلى غيره والظاهر ما تقدم ثم ان كان هذا في شأن الفاجر أو فيما يعمه والبر يراد بالسوق السوق المناسب للمسوق وهذه الآية لعمري بشارة لمن حسن ظنه بربه وعلم أنه الرب الذي سقت رحمته على غضبه. قالوا غدا نأتي ديار الحمى * وينزل الركب بمغناهم ففقلت لي ذنب فما حيلتي * بأي وجه أتلقاهم قالواأليس العفو من شأنهم * لا سيما عمن ترجاهم ثم إن جواب إذ محذوف دل عليه ما ذكر أي كان ما كان أو انكشفت للمرء حقيقة الأمر أو وجد الإنسان ما عمله من خير أو شر.
* (فلا صدق ولا صلى) *.
* (فلا صدق) * أي ما يجب تصديقه من الله عز وجل والرسول صلى الله عليه وسلم والقرآن الذي أنزل عليه * (ولا صلى) * ما فرض عليه أي لم يصدق ولم يصل فلا داخلة على الماضي كما في قوله: أن تغفر اللهم تغفر جما * وأي عبد لك لا ألما والضمير في الفعلين للإنسان المذكور في قوله تعالى أيحسب الإنسان والجملة عطف على قوله سبحانه يسأل أيان يوم القيامة على ما ذهب إليه الزمخشري فالمعنى بناء على ما علمت من أن السؤال سؤال استهزاء واستبعاد استبعد البعث وأنكره فلم يأت بأصل الدين وهو التصديق بما يجب تصديقه به ولا بأهم فروعه وهو الصلاة ثم أكد ذلك يذكر ما يضاده بقوله تعالى:
* (ول‍اكن كذب وتولى) *.
* (ولكن كذب وتولى) * نفيا لتوهم السكوت أو الشك أي ومع ذلك أظهر الجحود والتولي عن الطاعة.
* (ثم ذهب إلى أهله يتمطى) *.
* (يتبختر افتخارا بذلك ومن صدر عنه مثل ذلك ينبغي أن يخاف من حلول غضب الله تعالى به فيمشي خائفا متطامنا لا فرحا متبخترا فثم للاستبعاد ويتمطي من المط فإن المتختر يمد خطاه فيكون أصله يتمطط قلبت الطاء فيه حرف علة كراهة اجتماع الأمثال كما قالوا تظنى من الظن وأصله تظنن أو من المطا وهو الظهر فإن المتبختر يلوى مطاه تبخترا فيكون معتلا بحسب الأصل وفي الحديث إذا مشت أمتي المطيطاء وخدمتهم فارس والورم فقد جعل باسهم بأنهم وسلط شرارهم على خيارهم وجعل الطيبي عطف هذه الجلمة للتعجب على معنى يسأل إيان يوم القيامة وما استعد له إلا ما يوجب دماره وهلاكه. وقال ان قوله تعالى: * (فإذا برق البصر) * الخ جواب عن السؤال أقحم بين المعطوف عليه لشدة الاهتمام وان قوله سبحانه لا تحرك الخ استطراد على ما سمعت وجعل صدق من التصديق هو المروى عن قتادة وقال قوم هو من التصدق أي فلا صدق ماله ولا زكاه قال أبو حيان وهذا الذي يظهر نفي عنه الزكاة والصلاة وأثبت له التكذيب كما في قوله تعالى: * (قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين) * وحمله على نفي التصديق يقتضي أن يكون ولكن كذب تكرارا ولزم أن يكون استدراكا بعد ولا صلى لا بعد فلا صدق لأنهما متوافقان وفيه نظر يعلم مما قررناه ثم أنه استبعد العطف على قوله تعالى يسأل الخ وذكر أن الآية نزلت في أبي جهل وكات تصرح به في قوله تعالى يتمطى فإنها كانت مشيته ومشية قومه بني مخزوم وكان
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»