تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٩ - الصفحة ١٢٣
الشاقة وأطلق لفظه عليه على سبيل الاستعارة التمثيلية وروى أحمد والترمذي والحاكم وصححه وجماعة عن أبي سعيد الخدري مرفوعا الصعود جبل من نار يصعد فيه سبعين خريفا ثم يهوى فيه كذلك أبدا وعنه صلى الله عليه وسلم يكلف أن يصعد عقبة في النار كلما وضع عليها يده ذابت وإذا رفعها عادت وإذا وضع رجله ذابت فإذا رفعها عادت.
* (إنه فكر وقدر) * * (إنه فكر وقدر) * تعليل للوعيد واستحقاقه له أو بيان لعناده لآياته عز وجل فيكون جملة مفسرة لذلك لا محل لها من الإعراب وما بينهما اعتراض وقيل الجملة عليه بدل من قوله تعالى إنه كان لآياتنا عنيدا أي أنه فكر ماذا يقول في شأن القرآن وقدر في نفسه ما يقول.
* (فقتل كيف قدر) * * (فقتل كيف قدر) * تعجيب من تقديره وإصابته فيه المحزورميه الغرض الذي كان ينتحيه قريش فهو نظير قاتلهم الله أنى يؤفكون أو ثناء عليه تهكما على نحو قاتله الله ما أشجعه أو حكاية لما كرروه على سبيل الدعاء عند سماع كلمته الحمقاء فالعرب تقول قتله الله ما أشجعه وأخزاه الله ما أشعره يريدون أنه قد بلغ المبلغ الذي هو حقيق بأن يحسد ويدعو عليه حاسده بذلك ومآله على ما قيل إلى الأول وإن اختلف الوجه روي أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن فكأن رق له فبلغ ذلك أبا جهل فقال يا عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك ما لا فيعطوكه فإنك أتيت محمدا لتصيب مما عنده قال قد علمت قريش أني من أكثرها مالا قال فقل فيه قولا يبلغ قومك إنك منكر له وانك كاره له قال وماذا أقول فوالله ما فيكم رجل أعلم بالشعر مني لا برجزه ولا بقصيده ولا باشعار الجن والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا ووالله ان لقوله الذي يقوله حلاوة وان عليه لطلاوة وانه لمثمر أعلاه مغدق أسفله وإنه ليعلو ولا يعلى وانه ليحطم ما تحته قال لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه قال دعني حتى أفكر فلما فكر قال ما هو إلا سحر يؤثر فعجبوا بذلك وقال محيى السنة لما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم إلى قوله تعالى المصير قام النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد والوليد قريب منه يسمع قراءته فلما فطن النبي عليه الصلاة والسلام لاستماعه أعاد القراءة فانطلق الوليد إلى مجلس قومه بني مخزوم فقال والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن إن له لحلاوة وان عليه لطلاوة وان أعلاه لمثمر وان أسفله لمغدق وانه ليعلو وما يعلى فقال قريش صبأ والله الوليد والله لتصبأن قريش كلهم فقال أبو جهل أنا أكفيكموه فقعد إليه حزينا وكلمه بما أحماه فقام فأتاهم فقال تزعمون أن محمدا مجنون فهل رأيتموه يخنق وتقولون انه كاهن فهل رأيتموه قط يتكهن وتزعمون انه شاعر فهل رأيتموه يتعاطى شعرا وتزعمون أنه كذاب فهل جربتم عليه شيئا من الكذب فقالوا في كل ذلك اللهم لاثم قالوا فما هو ففكر فقال ما هو إلا ساحر أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه وما الذي يقوله إلا سحر يأثره عن مسيلمة وعن أهل بابل فارتج النادي فرحا وتفرقوا معجبين بقوله متعجبين منه.
* (ثم قتل كيف قدر) * * (ثم قتل كيف قدر) * تكرير للمبالغة كما هو معتاد من أعجب غاية الإعجاب والعطف بثم للدلالة على تفاوت الرتبة وان الثانية أبلغ من الأولى فكأنه قيل قتل بنوع ما من القتل لا بل قتل بأشده وأشده ولذا ساغ العطف فيه مع أنه تأكيد ونحوه ما في قوله: ومالي من ذنب إليهم علمته * سوى أنني قد قلت يا سرحة اسلمي ألا يا اسلمي ثم اسلمي ثمت اسلمي * ثلاث تحيات وان لم تكلمي والاطراء في الاعجاب بتقديره يدل على غاية التهكم به وبمن فرح بمحصول تفكيره وقال الراغب في غرة التنزيل كان الوليد بن المغيرة لما سئل عن النبي صلى الله عليه وسلم قدر ما أتى به من القرآن فقال إن قلنا شاعر كذبتنا العرب إذا عرضت ما أتى به على الشعر وكان يقصد بهذا التقدير تكذيب الرسول صلى الله عليه
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»