تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٩ - الصفحة ١٢١
حالا منه والذي أجاز ذلك على ما في الكشاف أن المعنى فذلك وقت النقر وقوع يوم عسير لأن يوم القيامة يأتي ويقع حين ينقر في الناقور فهو على منوال زمن الربيع العيد فيه أي وقوع العيد فيه وما له فذلك الوقوع وقوع يوم الخ ومما ذكر يعلم إندفاع ما يتوهم من تقديم معمول المصدر أو معمول ما في صلته على المصدران جعل ظرف الوقوع المقدر أو ظرف عسير والتصريح بلفظ وقوع إبراز للمعنى وتقصي عن جعل الزمان مظروف الزمان برجوعه إلى الحدث فتدبر وظاهر صنيع الكشاف اختيار هذا الوجه وكذا كلام صاحب الكشف إذ قرره على أتم وجه وادعى فيما سبق تعسفا نعم جوز عليه الرحمة أن يكون يومئذ معمول ما دل عليه الجزاء أيضا كأنه قيل فإذا نقر في الناقور عسر الأمر على الكافرين يومئذ وأيا ما كان فعلى الكافرين متعلق بعسير وقيل بمحذوف هو صفة لعسير أو حال من المستكن فيه وأجاز أبو البقاء تعلقه بيسير في قوله تعالى:
* (على الك‍افرين غير يسير) * * (غير يسير) * وهو الذي يقتضيه كلام قتادة وتعقبه أبو حيان بأنه ينبغي أن لا يجوز لأن فيه تقديم معمول المضاف إليه على المضاف وهو ممنوع على الصحيح وقد أجازه بعضهم في غير حملا لها على لا فيقول أنا بزيد غير راض وزعم الحوفي إن إذا متعلقة بأنذر والفاء زائدة وأراد أنها مفعول به لا نذر كأنه قيل قم فانذرهم وقت النقر في الناقور وقوله تعالى فذلك الخ جملة مستأنفة في موضع التعليل وهو كما ترى وجوز أبو البقاء تخريج الآية على قول الأخفش بأن تكون إذا مبتدأ والخبر فذلك والفاء زائدة وجعل يومئذ ظرفا لذلك ولا أظنك في مرية من أنه كلام أخفش وقال بعض الأجلة إن ذلك مبتدأ وهو إشارة إلى المصدر أي فذلك النقر وهو العامل في يومئذ ويوم عسير خبر المبتدأ والمضاف مقدر أي فذلك النقر في ذلك اليوم نقر يوم وفيه تكلف وعدول عن الظاهر مع أن عسر اليوم غير مقصود بالإفادة عليه وظاهر السياق قصده بالإفادة وجعل العلامة الطيبي هذه الآية من قبيل ما اتحد فيه الشرط والجزاء نحو من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله إذ جعل الإشارة إلى وقت النقر وقال ان في ذلك مع ضم التكرير دلالة على التنبيه على الخطب الجليل والأمر العظيم وفيه نظر وفائدة قوله سبحانه غير يسير أي سهل بعد قوله تعالى عسير تأكيد عسره على الكافرين فهو يمنع أن يكون عسيرا عليهم من وجه دون وجه ويشعر بتيسره على المؤمنين كأنه قيل عسير على الكافرين غير يسير عليهم كما هو يسير على أضدادهم المؤمنين ففيه جمع بين وعيد الكافرين وزيادة غيظهم وبشارة المؤمنين وتسليتهم ولا يتوقف هذا على تعلق على الكافرين بيسير نعم الأمر عليه أظهر كما لا يخفى ثم مع هذا لا يخلو قلب المؤمن من الخوف أخرج ابن سعيد والحاكم عن بهز بن حكيم قال أمنا زرارة بن أوفي فقرأ المدثر فلما بلغ فإذا نقر في الناقور خر ميتا فكنت فيمن حمله وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال لما نزلت فإذا نقر في الناقور قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أنعم وصاحب الصور قد التقم القرن وحنى جبهته يستمع متى يؤمر قالوا كيف نقول يا رسول الله قال قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل وعلى الله توكلنا واختلف في أن المراد بذلك الوقت يوم النفخة الأولى أو يوم النفخة الثانية ورجح أنه يوم الثانية لأنه الذي يختص عسره بالكافرين وأما وقت النفخة الأولى فحكمه الذي هو الاصعاف يعم البر والفاجر وهو على المشهور مختص بمن كان حيا عند وقوع النفخة.
* (ذرنى ومن خلقت وحيدا) * * (ذرني ومن خلقت وحيدا) * نزلت في الوليد بن المغيرة المخزومي كما روي بمن ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم بل قيل كونها فيه متفق عليه وهو يقتضي أن هذه السورة لم تنزل جملة إذ لم يكن أمر الوليد وما اقتضى نزول الآية فيه في بدء البعثة فلا تغفل ووحيدا حال إما من الياء في ذرني وهو المروى عن مجاهد أي ذرني وحدي معه فأنا أغنيك في الانتقام عن كل منتقم أو من التاء في خلقت أي خلقته وحدي لم يشركني في خلقه أحد فأنا أهلكه لا أحتاج إلى ناصر في اهلاكه
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»