شيئا * (ما كنا في أصحاب السعير) * أي في عدادهم ومن جملتهم والمراد بهم قيل الشياطين لقوله تعالى وأعتدنا لهم عذاب السعير وقيل الكفار مطلقا واختصاص إعداد السعير بالشياطين ممنوع لقوله تعالى إنا اعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا والآية لا تدل على الاختصاص وفيه دغدغة لعلك تعرفها مما يأتي إن شاء الله تعالى قريبا فلا تغفل ونفيهم السماع والعقل لتنزيلهم ما عندهم منهما لعدم انتفاعهم به منزلة العدم وفي ذلك مع اعتبار عموم المسموع والمعقول ما لا يخفى من المبالغة واعتبرهما بعض الأجلة خاصين قال أي لو كنا نسمع كلام النذير فنقبله جملة من غير بحث وتفتيش اعتمادا على ما لاح من صدقه بالمعجز أو نعقل فنفكر في حكمه ومعانيه تفكر المستبصرين ما كنا الخ وفيه إشارة إلى أن السماع والعقل هنا بمعنى القبول والتفكر واو للترديد لأنه يكفي انتفاء كل منهما لخلاصهم من السعير أو للتنويع فلا ينافي الجمع وقيل أشير فيه إلى قسمي الإيمان التقليدي والتحقيقي أو إلى الأحكام التعبدية وغيرها واستدل بالآية كما قال ابن السمعاني في القواطع من قال بتحكيم العقل وأنت تعلم أن قصارى ما تشعر به أن العقل يرشد إلى العقائد الصحيحة التي بها النجاة من السعير وأما أنها تدل على أن العقل حاكم كما يقول المعتزلة فلا واستدل بها أيضا كما نقل عن ابن المنير على أن السمع أفضل من البصر ومن العجيب استدلال بعضهم بها على أنه لا يقال للكافر عاقل.
* (فاعترفوا بذنبهم فسحقا لاصحابالسعير) * * (فاعترفوا بذنبهم) * الذي هو كفرهم وتكذيبهم بآيات الله تعالى ونذره عز وجل * (فسحقا لأصحاب السعير) * أي فبعدا لهم من رحمته تعالى وهو دعاء عليهم وقرأ أبو جعفر والكسائي فسحقا بضم الحاء والسحق مطلقا البعد وانتصابه على أنه مصدر مؤكد أي سحقهم الله تعالى سحقا قال الشاعر: يجول بأطراف البلاد مغربا * وتسحقه ريح الصبا كل مسحق وقيل هو مصدر إما لفعل متعد من المزيد بحذف الزوائد كما في قوله: وإن أهلك فذلك كان قدري أي تقديري والتقدير فأسحقهم الله سحقا أي إسحاقا أو بفعل مرتب على ذلك الفعل أي فأسحقهم الله تعالى فسحقوا سحقا كما في قوله: وعضة دهر يا ابن مروان لم تدع * من المال إلا مسحت أو مجلف أي لم تدع فلم يبق إلا مسحت وإلى أول الوجهين ذهب أبو علي الفارسي والزجاج وبعد ثبوت الفعل الثلاثي المتعدي كما في البيت وبه قال أبو حيان لا يحتاج إلى ما ذكر واللام في لا صحاب للتبيين كما في هيت لك وسقيا لك وفي الآية على ما قيل تغليب ولعل وجهه عند القائل وهو أن السوق يقتضي أن يقال فسحقا لهم ولأصحاب السعير فإنه تعالى بين أولا أحوال الشياطين حيث قاله سبحانه واعتدنا لهم عذاب السعير ثم بين أحوال الكفار حيث قال عز وجل وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم والأوفق بقراءة النصب والأبعد من شبهة التكرار أن يراد بالموصول غير الشياطين ثم قال تعالى شأنه فسحقا لأصحاب السعير فكان السوق يقتضي فسحقا لهم ولأصحاب السعير لكن لم يقل كذلك لأجل التغليب حيث أطلق أصحابه السعير على الشياطين والكفار جميعا ولا يضر في هذا دلالة غير آية على عدم اختصاص أصحاب السعير بالشياطين بل يطلق على سائر الكفرة أيضا لأنه يكفي في التغليب الاختصاص المتبادر من السوق هنا ولا توقف له على عدم جواز إطلاق ذلك على غير الشياطين في شيء من المواضع على أنه يمكن أن يقال لا حاجة إلى التزام اختصاص أصحاب السعير بالشياطين أصلا ولو بحسب السوق بل يكفي لصحة التوجيه كونهم أصيلا في دخول السعير والكفار ملحقين بهم كما يشعر به قوله تعالى ما كنا في أصحاب السعير بمعنى في عدادهم وجملتهم فحينئذ يكون الداخل في السعير قسمين وكان مقتضى الظاهر ذكرهما معا في الدعاء عليهم بالسحق كما يشهد به سياق الآية لكنه عدل وغلب