تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٥ - الصفحة ٢٢١
يؤيد الاعتراض، وفي البحر أن ما في المصحفين تفسير لا قراءة لمخالفته سواد الإمام. وزعم أن المتواتر عن ابن مسعود ما فيه * (ينشر لكم) * يبسط لكم ويوسع عليكم * (ربكم) * مالك أمركم الذي هداكم للايمان * (من رحمته) * في الدارين * (ويهيىء) * يسهل * (لكم من أمركم) * الذي أنتم بصدده من الفرار بالدين والتوجه التام إلى الله تعالى: * (مرفقا) * ما ترفقون وتنتفعون به، وهو مفعول * (يهىء) * ومفعول * (ينشر) * محذوف أي الخي ونحوه * (ومن أمركم) * على ما في بعض الحواشي متعلق بيهىء ومن لابتداء الغاية أو للتبعيض، وقال ابن الانباري: للبدل والمعنى يهىء لكم بدلا عن أمركم الصعب مرفقا كما في قوله تعالى: * (أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة) * (التوبة: 38). فليت لنا من ماء زمزم شربة * مبردة باتت على طهيان وجوز أن يكون حالا من * (مرفقا) * فيتعلق بمحذوف، وتقديم * (لكم) * لما مر مرارا من الإيذان من أول الأمر بكون المؤخر من منافعهم والتشويق إلى وروده، والظاهر أنهم قالوا هذا ثقة بفضل الله تعالى وقوة في رجائهم لتوكلهم عليه سبحانه ونصوع يقينهم فقد كانوا علماء بالله تعالى.
فقد أخرج الطبراني. وابن المنذر وجماعة عن ابن عباس قال: ما بعث الله تعالى نبيا إلا وهو شاب ولا أوتي العلم عالم إلا وهو شاب وقرأ * (قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم) * (الأنبياء: 60) * (وإذ قال موسى لفتاه) * (الكهف: 60) * (وإنهم فتية آمنوا بربهم) * (الكهف: 13) وجوز أن يكونوا قالوه عن أخبار نبي في عصرهم به وأن يكون بعضهم نبيا أوحى إليك ذلك فقاله، ولا يخفى أن ما ذكر مجرد احتمال من غير داع.
وقرأ أبو جعفر. والأعرج. وشيبة. وحميد. وابن سعدان. ونافع. وابن عامر. وأبو بكر في رواية الأعشى. والبرجمي. والجعفي عنه. وأبو عمرو في رواية هرون * (مرفقا) * بفتح الميم وكسر الفاء ولا فرق بينه وبين ما هو بكسر الميم وفتح الفاء معنى على ما حكاه الزجاج. وثعلب فإن كلا منهما يقال في الأمر الذي يرتفق به وفي الجارحة، ونقل مكي عن الفراء أنه قال: لا أعرف في الأمر وفي اليد وفي كل شيء إلا كسر الميم، وأنكر الكسائي أن يكون المرفق من الجارحة إلا بفتح الميم وكسر الفاء وخالفه أبو حاتم وقال: المرفق بفتح الميم الموضع كالمسجد، وقال أبوزيد: هو مصدر جاء على مفعل كالمرجع، وقيل: هما لغتان فيما يرتفق به وأما من اليد فبكسر الميم وفتح الفاء لاغير، وعن الفراء أن أهل الحجاز يقولون: * (مرفقا) * بفتح الميم وكسر الفاء فيما ارتفقت به ويكسرون مرفق الإنسان، وأما العرب فقد يكسرون الميم منهما جميعا اه‍. وأجاز معاذ فتح الميم والفاء، وهذا واستدل بالآية على حسن الهجرة لسلامة الدين وقبح المقام في دار الكفر إذ لم يمكن المقام فيهاإلا بإظهار كلمة الكفر وبالله تعالى التوفيق.
* (وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم فى فجوة منه ذالك من ءايات الله من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا) * * (وترى الشمس) * بيان لحالهم بعد ما أووا إلى الكهف ولم يصرح سبحانه به تعويلا على ما سبق من قوله تعالى: * (إذ أوى الفتية إلى الكهف) * (الكهف: 10) وما لحق من إضافة الكهف إليهم وكونهم في فجوة منه، وجوز أن يكون إيذانا بعدم الحاجة إلى التصريح لظهور جريانهم على موجب الأمر لكونه صادرا عن رأي صائب وقد حذف سبحانه وتعالى أيضا جملا أخرى لا تخفى، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو لكل أحد ممن يصلح له وهو للمبالغة في الظهور وليس المراد الأخبار بوقوع الرؤية بل الأنباء بكون الكهف لو رأيته ترى الشمس * (إذا طلعت تزاور) *
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»