تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١١ - الصفحة ٧١
كل منهما إلى بسيطة وكبيسة وبيان ذلك في محله، وتخصيص العدد بالسنين والحساب بالأوقات لما أنه لم يعتبر في السنين المعدودة معنى مغاير لمراتب الأعداد كما اعتبر في الأوقات المحسوبة، وتحقيقه أن الحساب إحصاء ما له كمية انفصالية بتكرير أمثاله من حيث يتحصل بطائفة معينة منها عدد معين له اسم خاص وحكم مستقل كالسنة المتحصلة من اثنى عشر شهرا قد تحصل كل من ذلك من أيام معلومة قد تحصل كل منها من ساعات كذلك والعد مجرد إحصائه بتكرير أمثاله من غير اعتبار أن يتحصل بذلك شيء كذلك، ولما لم يعتبر في السنين المعدودة تحصيل حد معين له اسم خاص غير أسامي مراتب الأعداد وحكم مستقل أضيف إليها العدد، وتحصل مراتب الأعداد من العشرات والمئات والألوف اعتباري لا يجدي في تحصيل المعدود نفعا، وحيث اعتبر في الأوقات المحسوبة تحصيل ما ذكر من المراتب التي لها أسام خاصة وأحكام مستقلة علق بها الحساب المنبىء عن ذلك، والسنة من حيث تحققها في نفسها مما يتعلق به الحساب وإنما الذي يتعلق به العد طائفة منها، وتعلقه في ضمن ذلك بكل واحدة من تلك الطائفة ليس من تلك الحيثية المذكورة - أعني حيثية تحصلها من عدة أشهر - قد تحصل كل واحد منها من عدة أيام قد حصل كل منها من عدة ساعات فإن ذلك وظيفة الحساب بل من حيث أنها فرد من تلك الطائفة المعدودة من غير أن يعتبر معها شيء غير ذلك.
وتقديم العدد على الحساب مع أن الترتيب بين متعلقيهما وجودا وعلما على العكس لأن العلم المتعلق بعدد السنين له علم إجمالي بما تعلق به الحساب تفصيلا وإن لم تتحد الجهة أو لأن العدد من حيث أنه لم يعتبر فيه تحصيل أمر آخر حسبما حقق آنفا نازل من الحساب الذي اعتبر فيه ذلك منزلة البسيط من المركب قاله شيخ الإسلام.
* (ما خلق الله ذلك) * أي ما ذكر من الشمس والقمر على ما حكى سبحانه من الأحوال * (إلا بالحق) * استثناء من أعم أحوال الفاعل والمفعول، والباء للملابسة أي ما خلق ذلك ملتبسا بشيء من الأشياء إلا ملتبسا بالحق مراعيا فيه الحكمة والمصلحة أو مراعى فيه ذلك فالمراد بالحق هنا خلاف الباطل والعبث * (يفصل الآيات) * أي الآيات التكوينية المذكورة أو الأعم منها ويدخل المذكور دخولا أوليا أو نفصل الآيات التنزيلية المنبهة على ذلك. وقرىء * (نفصل) * بنون العظمة وفيه التفات * (لقوم يعلمون) * الحكمة في إبداع الكائنات فيستدلون بذلك على شؤون مبدعها جل وعلا أو يعلمون ما في تضاعيف الآيات المنزلة فيؤمنون بها.
وتخصيص التفصيل بهم على الاحتمالين لأنهم المنتفعون به، والمراد لقوم عقلاء من ذوي العلم فيعم من ذكرنا وغيرهم.
* (إن فى اختل‍افاليل والنهار وما خلق الله فى السم‍اوات والارض لآي‍ات لقوم يتقون) * * (إن في اختلاف الليل والنهار) * تنبيه آخر اجمالي على ما ذكر أي في تعاقبهما وكون كل منهما خلفة للآخر بحسب طلوع الشمس وغروبها التابعين عند أكثر الفلاسفة لحركة الفلك الأعظم حول مركزه على خلاف التوالي فإنه يلزمها حركة سائر الأفلاك وما فيها من الكواكب على ما تقدم مع سكون الأرض وهذا في أكثر المواضع وأما في عرض تسعين فلا يطلع شيء ولا يغرب بتلك الحركة أصلا بل بحركات أخرى وكذا فيما يقرب منه قد يقع طلوع وغروب بغير ذلك وتسمى تلك الحركة الحركة اليومية وجعلها بعضهم بتمامها للأرض وجعل آخرون بعضها للأرض وبعضها للفلك الأعظم، والمشهور عند كثير من المحدثين أن الشمس نفسها تجري مسخرة بإذن الله تعالى في بحر مكفوف فتطلع وتغرب حيث شاء الله تعالى
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»