تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٩ - الصفحة ٥٨
قال لأشياء كوني فكانت، وأخرج عبد بن حميد عن وردان بن خالد قال: خلق الله تعالى آدم بيده وخلق جبريل بيده وخلق القلم بيده وخلق عرشه بيده وكتب الكتاب الذي عنده لا يطلع عليه غيره بيده وكتب التوراة بيده وهذا كله من قبيل المتشابه، وفي بعض الآثار أنها كتبت قبل الميقات وأنزلت على ما قيل وهي سبعون وقر بعير يقرأ الجزء منه في سنة لم يقرأها إلا أربعة نفر موسى. ويوشع وعزير. وعيسى عليهم السلام. ومما كتب فيها كما أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وذكر أمته وما ادخر لهم عنده وما يسر عليهم في دينهم وما وسع عليهم فيما أحل لهم حتى إنه جاء أن موسى عليه السلام عجب من الخير الذي أعطاه الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم وأمته وتمنى أن يكون منهم.
وأخرج ابن مردويه. وأبو نعيم في الحلية وغيرهما عن جابر بن عبد الله قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كان فيما أعطى الله تعالى موسى في الأرواح يا موسى لا تشرك بي شيئا فقد حق القول مني لتلفحن وجوه المشركين النار، وأشكر لي ولوالديك أقك المتألف وأنسئك في عمرك وأحيك حياة طيبة وأقلبك إلى خير منها، ولا تقتل النفس التي حرم الله تعالى إلا بالحق فتضيق عليه الأرض برحبها والسماء بأقطارها وتبوء بسخطي والنار، ولا تخلف باسمي كاذبا ولا آثما فإني لا أطهر ولا أزكى من لم ينزهني ويعظم أسمائي، ولا تحسد الناس على ما أعطيتهم من فضلي ولا تنفس عليه نعمتي ورزقي فإن الحاسد عدو نعمتى راد لقضائي ساخط لقسمتي التي أقسم بين عبادي ومن يكون كذلك فلست منه وليس مني، ولا تشهد بما لم يع سمعك ويحفظ عقلك ويعقد قلبك فإني واقف أهل الشهادات على شهاداتهم يوم القيامة ثم سائلهم عنها سؤالا حثيثا، ولا تزن ولا تسرق، ولا تزن بحلية جارك فأحجب عنك وجهي وتغلق عنك أبواب السماء، وأحب للناس ما تحب لنفسك، ولا تذبحن لغيري فإني لا أقبل من القربان إلا ما ذكر عليه اسمي وكان خالصا لوجهي، وتفرغ لي يوم البست وفرغ لي نفسك وجميع أهل بيتك ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى جعل السبت لموسى عليه السلام عيدا، واختار لنا الجمعة فجعلها عيدا " * (فخذها بقوة) * أي بجد وحزم قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، والجملة على إضمار القول عطفا على كتبنا وحذف القول كثير مطرد، والداعي لهذا التقدير كما قال العلامة الثاني رعاية المناسبة لكتبنا له لأنه جاء على الغيبة، ولو كان بدله كتبنا لك لم يحتج إلى تقدير، وأما حديث عطف الإنشاء على الأخبار فلا ضير فيه لأنه يجوز إذا كان بالفاء.
وقيل: هو بدل من قوله سبحانه: * (فخذ ما آتيتك) * (الأعراف: 144) وضعف بأن فيه الفصل بأجنبي وهو جملة كتبنا المعطوفة على جملة * (قال) * وهو تفكيك للنظم والضمير المنصوب للألواح أو لكل شيء فإنه بمعنى الأشياء والعموم لا يكفي في عود ضمير الجماعة بدون تأويله بالجمع، وجوز عوده للتوراة بقرينة السياق، والقائل بالبدلية جعله عادا إلى الرسالات؛ والجار والمجرور متعلق بمحذوف وقع حالا من الفاعل أي ملتبسا بقوة، وجوز أن يكون حالا من المفعول أي ملتبسة بقوة براهينها، والأول أوضح، وأن يكون صفة مفعول مطلق أي أخذا بقوة.
* (وأمر قومك يأخذوا بأحسنها) * أي أحسنها فالباء زائدة كما في قوله: سود المحاجر لا يقر أن بالسور ويحتمل أن تكون بالباء أصلية وهو الظاهر، وحينئذ فهي إما متعلقة بيأخذوا بتضمينه معنى يعملوا أو هو من الأخذ بمعنى السيرة، ومنه أخذ أخذهم أي سار سيرتهم وتخلق
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»