الإتقان في علوم القرآن - السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٤٢٢
والثاني أن سورة الإخلاص اقتضت التوحيد في خمسة عشر حرفا وآية الكرسي اقتضت التوحيد في خمسين حرفا فظهرت القدرة في الإعجاز بوضع معنى معبر عنه بخمسين حرفا ثم يعبر عنه بخمسة عشر وذلك بيان لعظيم القدرة والانفراد بالوحدانية 5983 وقال ابن المنير اشتملت آية الكرسي على ما لم تشمل عليه آية من أسماء الله تعالى وذلك أنها مشتملة على سبعة عشر موضعا فيها اسم الله تعالى ظاهرا في بعضها ومستكنا في بعض وهي الله هو الحي القيوم ضمير (لا تأخذه) و (له) وعنده) و (بإذنه) و (يعلم) و (علمه) و (شاء) و (كرسيه) و (يؤده) ضمير (حفظهما) المستتر الذي هو فاعل المصدر وهو العلي العظيم وإن عددت الضمائر المتحملة في الحي القيوم العلي العظيم والضمير المقدر قبل (الحي) على أحد الأعاريب صارت اثنين وعشرين 5984 وقال الغزالي إنما كانت آية الكرسي سيدة الآيات لأنها اشتملت على ذات الله وصفاته وأفعاله فقط ليس فيها غير ذلك ومعرفة ذلك هي المقصد الأقصى في العلوم وما عداه تابع له والسيد اسم للمتبوع المقدم فقوله (الله) إشارة إلى الذات (لا إله إلا هو) إشارة إلى توحيد الذات (الحي القيوم) إشارة إلى صفة الذات وجلاله فإن معنى (القيوم) الذي يقوم بنفسه ويقوم به غيره وذلك غاية الجلال والعظمة (لا تأخذه سنة ولا نوم) تنزيه وتقديس له عما يستحيل عليه من أوصاف الحوادث والتقديس عما يستحيل أحد أقسام المعرفة (له ما في السماوات وما في الأرض) إشارة إلى الأفعال كلها وإن جميعها منه وإليه (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) إشارة إلى انفراده بالملك والحكم والأمر وأن من يملك الشفاعة إنما يملكها بتشريفه إياه والإذن فيها وهذا نفي الشركة عنه في الحكم والأمر (يعلم ما بين أيديهم) إلى قوله (شاء) إشارة إلى صفة العلم وتفضيل بعض المعلومات والانفراد بالعلم حتى لا علم لغيره إلا ما أعطاه ووهبه على قدر مشيئته وإرادته (وسع كرسية السماوات والأرض) إشارة إلى عظمة ملكه وكمال قدرته (ولا يؤده حفظهما) إشارة إلى صفة القدرة وكمالها وتنزيهها عن الضعف والنقصان (وهو العلي العظيم) إشارة إلى أصلين عظيمين في الصفات فإذا تأملت هذه المعاني ثم تلوت جميع آي القرآن لم تجد جملتها مجموعة
(٤٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 417 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 ... » »»