العجاب في بيان الأسباب - ابن حجر العسقلاني - ج ١ - الصفحة ٣٢٨
الذين إنما خلقتهم لعبادتك وطاعتك قد وقعوا في الكفر وقتل النفس وأكل الحرام و الزنا و السرقة و غير ذلك وجعلوا يدعون عليهم ولا يعذرونهم فقيل لهم إنهم في غيب فلم يعذروهم فقيل لهم اختاروا منكم ملكين من أفضلكم آمرهما وأنهاهما فاختاروا هاروت وماروت 62 فأهبطا إلى الأرض وجعل لهما شهوات بني آدم و أمرهما الله أن يعبداه ولا يشركا به شيئا ونهاهما عن قتل النفس الحرام وأكل المال الحرام وعن الزنا و السرقة و شرب الخمر فلبثا في الأرض زمانا يحكمان بين الناس بالحق و ذلك في زمان إدريس و في ذلك الزمان امرأة حسنها في النساء كحسن الزهرة في سائر الكواكب وإنهما أتيا عليها فخضعا لها في القول وأراداها عن نفسها فأبت إلا أن يكونا على أمرها و على دينها فسألاها عن دينها فأخرجت لهما صنما فقالت هذا أعبده فقالا لا حاجة لنا في عبادة هذا فذهبا فغبرا ما شاء الله ثم أتيا عليها فراوداها عن نفسها ففعلت مثل ذلك فذهبا ثم أتيا فأراداها على نفسها فلما رأت أنهما قد أبيا أن يعبدا الصنم قالت لهما فاختارا إحدى الخلال الثلاث إما أن تعبدا هذا الصنم وإما أن تقتلا هذه النفس وإما أن تشربا هذه الخمر فقالا كل هذا لا ينبغي و أهون هذا شرب الخمر فشربا الخمر فأخذت فيهما فوقعا المرأة وخشيا أن يخبر الإنسان عنهما فقتلاه فلما ذهب عنهم السكر وعلما ما وقعا فيه من الخطيئة أرادا إلى الصعود إلى السماء فلم يستطيعا و حيل بينهما و بين ذلك و كشف الغطاء فيما بينهما و بين أهل السماء فنظرت الملائكة إلى ما وقعا فيه من الخطيئة فعجبوا كل العجب وعرفوا أن من كان في غيب فهو أقل خشية فجعلوا بعد ذلك يستغفرون لمن في الأرض فقيل لهما اختارا عذاب الدنيا أو عذاب بالآخرة فقالا أما عذاب الدنيا فإنه يذهب و ينقطع أما عذاب الآخرة فلا انقطاع له فاختارا عذاب الدنيا فجعلا
(٣٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 ... » »»