تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٨ - الصفحة ٤٥١
الجمهور: أن الرجع هو المطر، والصدع: ما تتصدع عنه الأرض من النبات، ويناسب قول من قال: الرجع: المطر. وقال ابن زيد: ذات الانشقاق: النبات. وقال أيضا: ذات الحرث. وقال مجاهد: الصدع: ما في الأرض من شقاق ولصاب وخندق وتشقق بحرث وغيره، وهي أمور فيها معتبر، وعنه أيضا: ذات الطرق تصدعها المشاة. وقيل: ذات الأموات لانصداعها عنهم يوم النشور. والضمير في * (أنه) *، قالوا عائد على القرآن. * (فصل) * أي فاصل بين الحق والباطل، كما قيل له فرقان. وأقول: ويجوز أن يعود الضمير في * (أنه) * على الكلام الذي أخبر فيه ببعث الإنسان يوم القيامة، وابتلاء سرائره: أي إن ذلك القول قول جزم مطابق للواقع لا هزل فيه، ويكون الضمير قد عاد على مذكور، وهو الكلام الذي تضمن الأخبار عن البعث، وليس من الأخبار التي فيها هزل بل هو جد كله. * (أنهم) *: أي الكافرون، * (يكيدون) *: أي في إبطال أمر الله وإطفاء نور الحق، * (وأكيد) *: أي أجازيهم على كيدهم، فسمى الجزاء كيدا على سبيل المقابلة، نحو قوله تعالى: * (ومكروا ومكر الله) *، * (إنما نحن مستهزءون) *، * (الله يستهزىء بهم) *.
ثم أمر رسوله صلى الله عليه وسلم) فقال: * (أمهلهم رويدا) *: أي انتظر عقوبتهم ولا تستعجل ذلك ثم أكد أمره فقال: * (أمهلهم رويدا) *: أي إمهالا لما كرر الأمر توكيدا خالف بين اللفظين، على أن الأول مطلق، وهذا الثاني مقيد بقوله: * (رويدا) *. وقرأ ابن عباس: مهلهم، بفتح الميم وشد الهاء موافقة للفظ الأمر الأول.
(٤٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 ... » »»