ثلاثة أنفس وثلاث ذود فأدخل التاء في ثلاثة؛ وكان الفصيح أن يقول: ثلاث أنفس. وقال أبو عبد الله الرازي: الأقرب أن يكون المراد تسعة جمع، إذ الظاهر من الرهط الجماعة لا الواحد، ثم يحتمل أنهم كانوا قبائل، ويحتمل أنهم دخلوا تحت العدد، لاختلاف صفاتهم وأحوالهم، لا لاختلاف أجناسهم. انتهى. قيل: والرهط اسم الجماعة، وكأنهم كانوا رؤساء، مع كل واحد منهم رهط. وقال الكرماني: وأصله من الترهيط، وهو تعظيم اللقم وشدة الأكل. انتهى. ورهط: اسم جمع، واتفقوا على أن فصله بمن هو الفصيح كقوله تعالى: * (فخذ أربعة من الطير) *. واختلفوا في جواز إضافة العدد إليه، فذهب الأخفش إلى أنه لا ينقاس، وما ورد من الإضافة إليه فهو على سبيل الندور. وقد صرح سيبويه أنه لا يقال: ثلاث غنم، وذهب قوم إلى أنه يجوز ذلك وينقاس، وهو مع ذلك قليل، وفصل قوم بين أن يكون اسم الجمع للقليل، كرهط ونفر وذود، فيجوز أن يضاف إليه، أو للتكثير، أو يستعمل لهما، فلا تجوز إضافته إليه، وهو قول المازني، وقد أطلنا الكلام في هذه المسألة في (شرح التسهيل).
و * (يفسدون) *: صفة لتسعة رهط، والمعنى: أنهم يفسدون الفساد العظيم الذي لا يخالطه شيء من الإصلاح، فلذلك قال: * (ولا يصلحون) *، لأن بعض من يقع منه إفساد قد يقع منه إصلاح في بعض الأحيان. وقرأ الجمهور: تقاسموا، وابن أبي ليلى: تقسموا، بغير ألف وتشديد السين، وكلاهما من القسم والتقاسم والتقسيم، كالتظاهر والتظهير. والظاهر أن قوله * (تقاسموا) * فعل أمر محكي بالقول، وهو قول الجمهور، أشار بعضهم على بعض بالحلف على تبييت صالح. وأجاز الزمخشري وابن عطية أن يكون تقاسموا فعلا ماضيا في موضع الحال، أي قالوا متقاسمين. قال الزمخشري: تقاسموا يحتمل أن يكون أمرا وخبرا على محل الحال بإضمار قد، أي قالوا: متقاسمين. انتهى. أما قوله: وخبرا، فلا يصح لأن الخبر هو أحد قسمي الكلام، إذ هو منقسم إلى الخبر والإنشاء، وجميع معانيه إذا حققت راجعة إلى هذين القسمين. وقال بعد ذلك وقرئ لنبيتنه بالياء والتاء والنون، فتقاسموا مع النون والتاء يصح فيه الوجهان، يعني فيه: أي في تقاسموا بالله، والوجهان هما الأمر والخبر عنده. قال: ومع الياء لا يصح إلا أن يكون خبرا. انتهى. والتقييد بالحال ليس إلا من باب نسبة التقييد، لا من نسبة الكلام التي هي الإسناد، فإذا أطلق عليها الخير، كان ذلك على تقدير أنها لو لم تكن حالا لجاز أن تستعمل خبرا، وكذلك قولهم في الجملة الواقعة قبله صلة أنها خبرية هو مجاز، والمعنى: أنها لو لم تكن صلة، لجاز أن تستعمل خبرا، وهذا شيء فيه غموض، ولا يحتاج إلى الإضمار، فقد كثر وقوع الماضي حالا بغير قد كثرة ينبغي القياس عليها. وعلى هذا الإعراب، احتمل أن يكون * (بالله) * متعلقا بتقاسموا الذي هو حال، فهو من صلته ليس داخلا تحت القول. والمقول: * (لنبيتنه) * وما بعده احتمل أن يكون هو وما بعده هو المقول.
وقرأ الجمهور: * (لنبيتنه وأهله ثم لنقولن) * بالنون فيهما، والحسن، وحمزة، والكسائي: بتاء خطاب الجمع؛ ومجاهد، وابن وثاب، وطلحة، والأعمش: بياء الغيبة، والفعلان مسندان للجمع؛ وحميد بن قيس: بياء الغيبة في الأول مسندا للجمع، أي ليبيتنه، أي قوم منا، وبالنون في الثاني، أي جميعنا ما يقول لوليه، والبيات: مباغتة العدو. وعن الإسكندر أنه أشير عليه بالبيات فقال: ليس من عادة الملوك استراق الظفر، ووليه طالب ثأره إذا قتل. وقرأ الجمهور: مهلك، بضم الميم وفتح اللام من أهلك. وقرأ حفص: مهلك، بفتح الميم وكسر اللام، وأبو بكر: بفتحهما. فأما القراءة الأولى فتحتمل المصدر والزمان والمكان، أي ما شهدنا إهلاك أهله، أو زمان إهلاكهم، أو مكان إهلاكهم. ويلزم من هذين أنهم إذا لم يشهدوا الزمان ولا المكان أن لا يشهدوا الإهلاك. وأما القراءة