* ألا ويك المضرة لا تدوم * ولا يبقى على البؤس النعيم * وذهب الكسائي ويونس وأبو حاتم وغيرهم إلى أن أصله ويلك، فحذفت اللام والكاف في موضع جر بالإضافة. فعلى المذهب الأول قيل: تكون الكاف خالية من معنى التشبيه، كما قيل: * (ليس كمثله شىء) *. وعلى المذهب الثاني، فالمعنى: أعجب لأن الله. وعلى المذهب الثالث تكون ويلك كلمة تحزن، والمعنى أيضا: لأن الله. وقال أبو زيد وفرقة معه: ويكأن، حرف واحد بجملته، وهو بمعنى: ألم تر. وبمعنى: ألم تر، قال ابن عباس والكسائي وأبو عبيد. وقال الفراء: ويك، في كلام العرب، كقوله الرجل: أما ترى إلى صنع الله؟ وقال ابن قتيبة، عن بعض أهل العلم أنه قال: معنى ويك: رحمة لك، بلغة حمير.
ولما صدر منهم تمني حال قارون، وشاهدوا الخسف، كان ذلك زاجرا لهم عن حب الدنيا، وداعيا إلى الرضا بقدر الله، فتنبهوا لخطئهم فقالوا: وي، ثم قالوا: * (كان الله * يبسط الرزق لمن يشاء من عباده) *، بحسب مشيئته وحكمته، لا لكرامته عليه، ويضيق على من يشاء، لا لهوانه، بل لحكمته وقضائه ابتلاء. وقرأ الأعمش: لولا من الله، بحذف أن، وهي مزادة. وروي عنه: من الله، برفع النون والإضافة. وقرأ الجمهور: لخسف مبنيا للمفعول؛ وحفص، وعصمة، وأبان عن عاصم، وابن أبي حماد عن أبي بكر: مبنيا للفاعل؛ وابن مسعود، وطلحة، والأعمش: لا تخسف بنا، كقولك: انقطع بنا، كأنه فعل مطاوع، والمقام مقام الفاعل هو * (بنا) *. ويجوز أن يكون المصدر: أي لا نخسف الانخساف، ومطاوع فعل لا يتعدى إلى مفعول به، فلذلك بني إما لبنا وإما للمصدر. وعن ابن مسعود أيضا: لتخسف، بتاء وشد السين، مبنيا للمفعول.
* (تلك الدار الاخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا فى الارض ولا فسادا والعاقبة للمتقين * من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون * إن) *.
لما كان من قول أهل العلم والإيمان ثواب الله خير، ذكر محل الثواب، وهو الدار الآخرة. والمعنى: تلك التي سمعت بذكرها، وبلغك وصفها. * (الدار الاخرة) *: أي نعيم الدار الآخرة، وهي الجنة، والبقاء فيها سرمدا، وعلق حصولها على مجرد الإرادة، فكيف يمن بأشر العلو والفساد؟ ثم جاء التركيب بلا في قوله: * (ولا فسادا) *، فدل على أن كل واحد من العلو والفساد مقصود، لا مجموعهما. قال الحسن: العلو: العز والشرف، إن جر البغي الضحاك، الظلم والفساد يعم أنواع الشر. وعن علي، كرم الله وجهه: أن الرجل ليعجبه أن يكون شراك نعله أجود من شراك نعل صاحبه، فيدخل تحتها.