تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٤٥٨
والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون * أموات غير أحيآء وما يشعرون أيان يبعثون * إلاهكم إلاه واحد فالذين لا يؤمنون بالا خرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون * لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين * وإذا قيل لهم ماذآ أنزل ربكم قالوا أساطير الا ولين * ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا سآء ما يزرون * قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون * ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركآئى الذين كنتم تشاقون فيهم قال الذين أوتوا العلم إن الخزى اليوم والسوء على الكافرين * الذين تتوفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون * فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين) *)) ) * النطفة: القطرة من الماء، نظف رأسه ماء أي قطر. الدفء اسم لما يدفأ به أي يسخن. وتقول العرب: دفىء يومنا فهو دفئ إذا حصلت فيه سخونة تزيل البرد، ودفىء الرجل فداء ودفأ، وجمع الدفء أدفاء. ورجل دفآن وامرأة دفأى، والدفئة الإبل الكثيرة الأوبار، لا دفاء بعضها بعضا بأنفاسها. وقد تشدد، وعن الأصمعي الدفئة الكثيرة الأوبار والشحوم. وقال الجوهري: الدفء نتاج الإبل وألبانها، وما ينتفع به منها. البغل: معروف، ولعمرو بن بحر الجاحظ كتاب البغال. الحمار: معيروف، يجمع في القلة على أحمر وفي الكثرة على حمر، وهو القياس وعلى حمير. الطري: فعيل من طر ويطر، وطراوة مثل سر ويسر سراوة. وقال الفراء: طري يطري طراء وطراوة مثل: شقى، يشقى، شقاء، وشقاوة. المخر: شق الماء من يمين وشمال، يقال: مخر الماء الأرض. وقال الفراء: صوت جرى الفلك بالرياح، وقيل: الصوت الذي يكون من هبوب الريح إذا اشتدت، وقد يكون من السفينة ونحوها. ماد: تحرك ودار. السقف: معروف ويجمع على سقوف وهو القياس، وعلى سقف وسقف، وفعل وفعل محفوظان في فعل، وليسا مقيسين فيه.
* (أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون يشركون * ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشآء من عباده أن أنذروا أنه لا إلاه إلا أنا فاتقون * خلق) *: قال الحسن، وعطاء، وعكرمة، وجابر: هي كلها مكية. وقال ابن عباس: إلا ثلاث آثات منها نزلت بالمدينة بعد حمزة وهي قوله: * (ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا) * إلى قوله: * (بأحسن ما كانوا يعملون) * وقيل: إلا ثلاث آيات * (وإن عاقبتم) * الآية نزلت في المدينة في شأن التمثيل بحمزة وقتلى أحد، وقوله: * (واصبر وما صبرك إلا بالله) * وقوله: * (ثم إن ربك للذين هاجروا) * وقيل: من أولها إلى قوله: * (يشركون) * مدني وما سواه مكي. وعن قتادة عكس هذا.
ووجه ارتباطها بما قبلها أنه تعالى لما قال: * (فوربك لنسئلنهم أجمعين) * كان ذلك تنبيها على حشرهم يوم القيامة، وسؤالهم عما أجرموه في دار الدنيا، فقيل: أتى أمر الله وهو يوم القيامة على قول الجمهور. وعن ابن عباس المراد بالأمر: نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وظهوره على الكفار. وقال الزمخشري: كانوا يستعجلون ما وعدوا من قيام الساعة، أو نزول العذاب بهم يوم بدر استهزاء وتكذيبا بالوعد انتهى. وهذا الثاني قاله ابن جريج قال: الأمر هنا ما وعد الله نبيه من النصر وظفره بإعدائه، وانتقامه منهم بالقتل والسبي ونهب الأموال، والاستيلاء على منازلهم وديارهم. وقال الضحاك: الأمر هنا مصدر أمر، والمراد به: فرائضه وأحكامه. قيل: وهذا فيه بعد، لأنه لم ينقل أن أحدا من الصحابة استعجل فرائض من قبل أن تفرض عليهم. وقال الحسن وابن جريج أيضا: الأمر عقاب الله لمن أقام على الشرك، وتكذيب الرسول، واستعجال العذاب منقول عن
(٤٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 453 454 455 456 457 458 459 460 461 462 463 ... » »»