أفضل الكلام، وجمع فيه - سبحانه وتعالى - جميع ما يحتاج إليه من أخبار الأولين والآخرين، والمواعظ والأمثال، والآداب، وضروب الاحكام، والحجج القاطعات الظاهرات، في الدلالة على وحدانيته، وغير ذلك مما جاءت به رسله صلوات الله عليهم وسلامه الدامغات (1) لأهل الالحاد الضلال الطغام (2)، وضاعف الاجر في تلاوته، وأمرنا بالاعتناء به والاعظام، وملازمة الآداب معه، وبذل الوسع في الاحترام.
وقد صنف في فضل تلاوته جماعة من الأماثل (3) والاعلام، كتبا معروفة عند أولي النهى والأحلام (4)، لكن ضعفت الهممن عن حفظها، بل عن مطالعتها، فصار لا ينتفع بها إلا أفراد من أولى الافهام، ورأيت أهل بلدتنا دمشق - حماها الله تعالى وصانها وسائر بلاد الاسلام - مكثرين من الاعتناء بتلاوة القرآن العزيز: تعلما وتعليما، وعرضا ودراسة، في جماعات وفرادى، مجتهدين في ذلك بالليالي والأيام، زادهم الله حرصا عليه، وعلى جميع أنواع الطاعات، مريدين وجه الله ذي الجلال والاكرام، فدعاني ذلك إلى جمع مختصر في آداب حملته، وأوصاف حفاظه وطلبته، فقد أوجب الله - سبحانه وتعالى - النصح لكتابه، ومن النصيحة له بيان آداب حملته وطلابه، وإرشادهم إليها، وتنبيههم عليها، وأوثر فيه الاختصار، وأحاذر التطويل والاكثار، وأقتصر في كل باب على طرف من أطرافه،