تسمعون) ابتداء وخبر في موضع الحال. والمعنى: وأنتم تسمعون ما يتلى عليكم من الحجج والبراهين في القرآن.
قوله تعالى: ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون (21) إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون (22) قوله تعالى: (ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا) أي كاليهود أو المنافقين أو المشركين.
وهو من سماع الأذن. (وهم لا يسمعون) أي لا يتدبرون ما سمعوا، ولا يفكرون فيه، فهم بمنزلة من لم يسمع وأعرض عن الحق. نهى المؤمنين أن يكونوا مثلهم. فدلت الآية على أن قول المؤمن: سمعت وأطعت، لا فائدة فيه ما لم يظهر أثر ذلك عليه بامتثال فعله. فإذا قصر في الأوامر فلم يأتها، واعتمد النواهي فاقتحمها فأي سمع عنده وأي طاعة! وإنما يكون حينئذ بمنزلة المنافقين الذي يظهر الإيمان، ويسر الكفر، وذلك هو المراد بقوله: " ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون ". يعني بذلك المنافقين، أو اليهود أو المشركين، على مما تقدم. ثم أخبر تعالى أن الكفار شر ما دب على الأرض. وفي البخاري عن ابن عباس " إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون " قال: هم نفر من بني عبد الدار.
والأصل أشر، حذفت الهمزة لكثرة الاستعمال. وكذا خير، الأصل أخير.
قوله تعالى: ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون (23) قوله تعالى: (ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم) قيل: الحجج والبراهين، إسماع تفهم.
ولكن سبق علمه بشقاوتهم (ولو أسمعهم) أي لو أفهمهم لما آمنوا بعد علمه الأزلي بكفرهم. وقيل: المعنى لأسمعهم كلام الموتى الذين طلبوا إحياءهم، لأنهم طلبوا إحياء قصي بن كلاب وغيره ليشهدوا بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم. الزجاج: لأسمعهم جواب كل ما سألوا عنه. (ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون) إذ سبق في علمه أنهم لا يؤمنون.