تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٤٤٠
سورة الفلق بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة الفلق من [آية 1 - 5] * (قل أعوذ برب الفلق) * أي: ألتجئ إلى الاسم الهادي وألوذ به بالاتصاف به والاتصال بروح القدس في الحضرة الأسمائية لأن الفلق هو نور الصبح المقدم على طلوع الشمس، أي: برب نور صبح تجلي الصفات الذي هو مقدمة طلوع نور الذات، ورب نور صبح الصفات هو الاسم الهادي وكذا معنى كل مستعيذ بربه من شر شيء فإنه يستعيذ بالاسم المخصوص بذلك الشيء كاستعاذة المريض مثلا بربه فإنه يستعيذ بالشافي، وكاستعاذة الجاهل من جهله بالعليم.
* (من شر ما خلق) * أي: من شر الاحتجاب بالخلق وتأثيرهم فيه فإن من اتصل بعالم القدس في حضرة الأسماء واتصف بصفاته تعالى أثر في كل مخلوق ولم يتأثر من أحد لأنهم في عالم الآثار ومقام الأفعال وقد ارتقى هو عن مقام الأفعال إلى مباديها من الصفات. * (ومن شر غاسق إذا وقب) * أي: من شر الاحتجاب بالبدن المظلم إذا دخل ظلامه كل شيء واستولى وأثر بتغيرات أحواله وانحراف مزاجه في القلب لمحبة القلب له وميله إليه وانجذابه نحوه.
* (ومن شر النفاثات) * أي: القوى النفسانية من الوهم والتخيل والغضب والشهوة ونحوها التي تنفث في عقد عزائم السالكين بإيهانها بالدواعي الشيطانية وحلها ونكثها بالوساوس والهواجس.
* (ومن شر حاسد إذا حسد أي: النفس إذا حسدت تنور القلب فانتحلت صفاته ومعارفه باستراق السمع، فطغت وظهرت عليه وحجبته وذلك هو التلوين في مقام القلب. ويجوز أن يكون الغاسق هو النفس المستولية الحاجبة بظلمة صفاتها للقلب والحاسد هو القلب إذا ظهر في مقام الشهود، فإن تلوين مقام الشهود بوجود القلب كما أن تلوين مقام القلب بوجود النفس وتخصيص هذه الثلاثة بالاستعاذة منها بعد الاستعاذة من المخلوقات عموما إنما كان لأن أكثر الاحتجاب منها دون ما عداها من المخلوقات عموما لاتصالها به وتعلقه بها، والله تعالى أعلم.
(٤٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 432 433 434 435 436 437 438 439 440 441 442 » »»