تفسير الرازي - الرازي - ج ١ - الصفحة ٤
الاعتقادات، أو من باب أعمال الجوارح، أما الاعتقادات فقد جاء في الخبر المشهور قوله صلى الله عليه وسلم ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة: كلهم في النار الا فرقة واحدة وهذا يدل على أن الاثنتين والسبعين موصوفون بالعقائد الفاسدة والمذاهب الباطلة ثم إن ضلال كل واحدة من أولئك الفرق غير مختص بمسئلة واحدة بل هو حاصل في مسائل كثيرة من الباحث المنعقلة بذات الله تعالى وبصفاته وبأحكامه وبأفعاله وبأسمائه وبمسائل الجبر، والقدر والتعديل والتجريز والثواب والمعاد والوعد والوعيد والأسماء والاحكام، والإمامة فإذا وزعنا عدد الفرق الضالة - وهو الاثنتان والسبعون - على هذه المسائل الكثيرة بلغ العدد الحاصل مبلغا عظيما وكل ذلك أنواع الضلالات الحاصلة في فرق الأمة، وأيضا فمن المشهور أن فرق الضلالات من الخارجين عن هذه الأمة يقربون من سبعمائة فإذا ضمت أنواع ضلالاتهم إلى أنواع الضلالات الموجودة في فرق الأمة في جميع المسائل العقلية المتعلقة بالإلهيات والمتعلقة بأحكام الذوات والصفات بلغ المجموع مبلغا عظيما في العدد ولا شك أن قولنا (أعوذ بالله) يتناول الاستعاذة من جميع تلك الأنواع، والاستعاذة من الشئ لا تمكن إلا بعد معرفة المستعاذ منه، وإلا بعد معرفة كون ذلك الشئ باطلا وقبيحا، فظهر بهذا الطريق أن قولنا (أعوذ بالله) مشتمل على الألوف من المسائل الحقيقة اليقينية، وأما الاعمال الباطلة فهي عبارة عن كل ما ورد النهى عنه: إما في القرآن، أو في الاخبار المتواترة، أو في أخبار الآحاد، أو في إجماع الأمة، أو في القياسات الصحيحة، ولا شك أن تلك المنهيات تزيد على الألوف وقولنا (أعوذ بالله) متناول لجميعها وجملتها فثبت بهذا الطريق أن قولنا أعوذ بالله مشتمل على عشرة آلاف مسئلة، أو أزيد، أو أقل من المسائل المهمة المعتبرة.
(٤)
مفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»