تفسير الرازي - الرازي - ج ١ - الصفحة ٢٧
أمر الكافر بالإيمان، وهذا متفق عليه، ولكن لم يرد منه الإيمان، ولو أراده لوقع، ويدل عليه وجهان: الأول: أن قدرة الكافر إن كانت موجبة للكفر كان خالق تلك القدرة مريدا للكفر، لأن مريد العلة مريد للمعلول، وإن كانت صالحة للكفر والإيمان امتنع رجحان أحدهما على الآخر إلا بمرجح، وذلك المرجح إن كان من العبد عاد التقسيم الأول فيه، وإن كان من الله تعالى فحينئذ يكون مجموع القدرة مع الداعية موجبا للكفر، ومريد العلة مريد للمعلول، فثبت أنه تعالى مريد الكفر من الكافر، والثاني: أنه تعالى عالم بأن الكافر يكفر وحصول هذا العلم ضد لحصول الإيمان، والجمع بين الضدين محال، والعالم بكون الشيء ممتنع الوقوع لا يكون مريدا له، فثبت أنه تعالى أمر الكافر بالإيمان، وثبت أنه لا يريد منه الإيمان فوجب أن يكون مدلول أمر الله تعالى فعل شيء آخر سوى الإرادة، وذلك هو المطلوب، وأما بيان أن الحكم الذهني مغاير للاعتقاد والعلم فالدليل عليه أن القائل إذا قال: العالم قديم فمدلول هذا اللفظ هو حكم هذا القائل بقدم العالم، وقد يقول القائل بلسانه هذا مع أنه يعتقد أن العالم ليس بقديم، فعلمنا أن الحكم الذهني حاصل، والاعتقاد غير حاصل، فالحكم الذهني مغاير للاعتقاد. مدلولات الألفاظ:
المسألة الخامسة والأربعون: مدلولات الألفاظ قد تكون أشياء مغايرة للألفاظ: كلفظة السماء والأرض، وقد تكون مدلولاتها أيضا ألفاظا كقولنا: اسم، وفعل، وحرف، وعام، وخاص، ومجمل، ومبين، فإن هذه الألفاظ أسماء ومسمياتها أيضا ألفاظ. طرق معرفة اللغة:
المسألة السادسة والأربعون: طريق معرفة اللغات إما العقل وحده وهو محال، وإما النقل المتواتر أو الآحاد وهو صحيح، وإما ما يتركب عنهما: كما إذا قيل: ثبت بالنقل جواز إدخال الاستثناء على صيغة من، وثبت بالنقل أن حكم الاستثناء إخراج ما لولاه لدخل فيه، فيلزم من مجموعهما بحكم العقل كون تلك الصيغة موضوعة للعموم، وعلى هذا الطريق تعويل الأكثرين في إثبات أكثر اللغات، وهو ضعيف، لأن هذا الاستدلال إنما يصح لو قلنا إن واضع تينك المقدمتين وجب أن يكون معترفا بهذه الملازمة، وإلا لزم التناقض، لكن الواضع للغات لو ثبت أنه هو الله تعالى وجب تنزيهه عن المناقضة، أما لو كان هو الناس لم يجب ذلك ولما كان هذا الأصل مشكوكا كان ذلك الدليل مثله. من اللغة ما بلغنا بالتواتر:
المسألة السابعة والأربعون: اللغات المنقولة إلينا بعضها منقول بالتواتر، وبعضها منقول بالآحاد، وطعن بعضهم في كونها متواترة فقال: أشهر الألفاظ هو قولنا " الله "، وقد اختلفوا فيها فقيل: إنها ليست عربية بل هي عبرية، وقيل: إنها اسم علم، وقيل: إنها من الأسماء
(٢٧)
مفاتيح البحث: الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»