المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٧٩
بسم الله الرحمن الرحيم سورة الجاثية هذه السورة مكية لا خلاف في ذلك قوله عز وجل سورة الجاثية 1 - 6 تقدم القول في الحروف المقطعة في أوائل السور و * (تنزيل) * رفع بالابتداء أو على خبر ابتداء مضمر و * (العزيز) * معناه عام في شدة أخذه إذا انتقم ودفاعه إذا حمي ونصر وغير ذلك و * (الحكيم) * المحكم للأشياء وذكر تبارك الآيات التي في السماوات والأرض مجملة غير مفصلة فكأنها إحالة على غوامض تثيرها الفكر ويخبر بكثير منها الشرع فلذلك جعلها للمؤمنين إذ في ضمن الايمان العقل والتصديق ثم ذكر تعالى خلق البشر والحيوان وكأنه أغمض مما أحال عليه أولا وأكثر تلخيصا فجعله للموقنين الذين لهم نظر يؤديهم إلى اليقين في معتقداتهم ثم ذكر تعالى اختلاف الليل والنهار والعبرة بالمطر والرياح فجعل ذلك * (لقوم يعقلون) * إذ كل عاقل يحصل هذه ويفهم قدرها وإن كان هذا النظر ليس بلازم ولا بد فإن اللفظ يعطيه و * (يبث) * معناه ينشر في الأرض والدابة كل حيوان يدب أو يمكن فيه ان يدب يدخل في ذلك الطير والحوت وشاهد الطير قول الشاعر (صواعقها لطيرهن دبيب *) الطويل وقول الاخر (دبيب قطا البطحاء في كل منهل *) الطويل وشاهد الحوت قول أبي موسى وقد ألقى البحر دابة مثل الظرب ودواب البحر لفظ مشهور في اللغة
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»