قوله عز وجل سورة فصلت 51 - 54 ذكر الله تعالى الخلق الذميمة من الإنسان جملة وهي في الكفار بينه متمكنة وأما المؤمن في الأغلب فيشكر عند النعمة وكثيرا ما يصبر عند الشدة وقرأ جمهور والناس (ونأى بجانبه) الهمزة عين الفعل وقرأ ابن عامر (وناء) الهمزة لام الفعل وهي قراءة أبي جعفر والمعنى فيهما واحد قال أبو علي ناء قلب ابن آدم فعل فلع ومنه قول الشاعر كثير (وكل خليل راءني فهو قائل * من اجلك هذا هامة اليوم أو غد) الطويل ومنه قول الآخر (وقد شاءني أهل السباق وأمعنوا *) الطويل * (ونأى) * معناه بعد ولم يمل إلى شكر ولا طاعة وقوله * (فذو دعاء عريض) * أي طويل أيضا فاستغني بالصفة الواحدة عن لزيمتها إذ العرض يقتضي الطول ويتضمنه ولم يقل طويل لأن الطويل قد لا يكون عريضا ف * (عريض) * أدل على الكثرة ثم أمر تعالى نبيه ان يقف قريشا على هذا الاحتجاج موضع تغريرهم بأنفسهم فقال * (أرأيتم إن كان) * هذا الشرع * (من عند الله) * وبأمره وخالفتموه أنتم ألستم عل هلكة من قبل الله تعالى فمن أضل ممن يبقى على مثل هذا الغرر مع الله وهذا هو الشقاق ثم وعد تعالى نبيه عليه السلام بأنه سيري الكفار آياته واختلف المتأولون في معنى قوله * (في الآفاق وفي أنفسهم) * فقال المنهال والسدي وجماعة هو وعد بما يفتحه الله تعالى على رسوله من الأقطار حول مكة وفي غير ذلك من الأرض كخبير ونحوها * (وفي أنفسهم) * أراد به فتح مكة قال القاضي أبو محمد وهذا تأويل حسن ينتظم الاعلام بغيب ظهر وجوده بعد كذلك ويجري معه لفظ الاستئناف الذي في الفعل وقال الضحاك وقتادة * (سنريهم آياتنا في الآفاق) * هو ما أصاب الأمم المكذبة في أقطار الأرض قديما * (وفي أنفسهم) * يوم بدر وقال ابن زيد وعطاء * (الآفاق) * آفاق السماء وأراد الآيات في الشمس والقمر والرياح وغير ذلك * (وفي أنفسهم) * عبرة الانسان بجسمه وحواسه وغريب خلقته وتدريجه في البطن ونحو ذلك وهذه آيات قد كانت مرئية فليس هذا المعنى يجري مع قوله (سنري) والتأويل الأول أرجحها والله أعلم والضمير في قوله تعالى * (أنه الحق) * عائد على الشرع والقرآن فبإظهار الله إياه وفتح البلاد عليه تبين لهم انه الحق
(٢٣)