المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ١٥٨
قوله عز وجل سورة ق 9 - 15 قوله تعالى * (ماء مباركا) * قيل يعني جميع المطر كله يتصف بالبركة وإن ضر بعضه أحيانا ففيه مع ذلك الضر الخاص البركة العامة وقال أبو هريرة كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاء المطر فسالت الميازيب قال (لا محل عليكم العام) وقال بعض المفسرين * (ماء مباركا) * يريد به ماء مخصوصا خالصا للبركة ينزله الله كل سنة وليس كل المطر يتصف بذلك * (وحب الحصيد) * الحنطة و * (باسقات) * معناه طويلات ذاهبات في السماء ومنه قول ابن نوفل في ابن هبيرة (يا ابن الذين لمجدهم * بسقت على قيس فزارة) مجزوء الكامل مرفل وروى قطبة بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ (باصقات) بالصاد قال أبو الفتح الأصل السين وإنما الصاد بدل منه لاستعلاء القاف و (الطلع) أول ظهور التمر في الكفرى وهو أبيض منضد كحب الرمان فما دام ملتصقا بعضه ببعض فهو * (نضيد) * فإذا خرج من الكفرى تفرق فليس بنضيد و * (رزقا) * نصب على المصدر والضمير في " به " عائد على المطر ووصف البلدة ب (ميت) على تقدير القطر والبلد وقرا الناس (ميتا) مخففا وقرا أبو جعفر وخالد (ميتا) بالتثقيل ثم بين تعالى موضع الشبه فقال * (كذلك الخروج) * هذه الآيات كلها إنما هي أمثلة وأدلة على البعث و * (الخروج) * يريد به من القبور * (وأصحاب الرس) * قوم كان لهم بئر عظيمة وهي * (الرس) * وكل ما لم يطو من بئر أو معدن أو نحوه فهو رس وأنشد أبو عبيدة للنابغة الجعدي (سبقت إلى قرطبا هل * تنابلة يحفرون الرساسا) وجاءهم نبي يسمى حنظلة بن صفوان فيما روي فجعلوه في * (الرس) * وردموا عليه فأهلكهم الله وقال كعب الأحبار في كتاب الزهراوي * (أصحاب الرس) * هم أصحاب الأخدود وهذا ضعيف لأن أصحاب الأخدود لم يكذبوا نبيا إنما هو ملك احرق قوما وقال الضحاك * (الرس) * بئر قتل فيها صاحب ياسين قال منذر وروي عن ابن عباس انهم قوم عاد و * (الأيكة) * الشجر الملتف وهم قوم شعيب والألف واللام من * (الأيكة) * غير معرفة لأن (ايكة) اسم علم كطلحة يقال أيكة وليكة فهي كالألف واللام في الشمس والقمر وفي الصفات الغالبة وفي هذا نظر وقرأ (الأيكة) بالهمز وأبو جعفر ونافع وشيبة وطلحة * (وقوم تبع) * هم حمير و * (تبع) * سم فيهم يذهب تبع ويجيء تبع ككسرى في الفرس وقيصر في الروم وكان أسعد أبو كرب أحد التبابعة رجلا صالحا صحب حبرين فتعلم منهما دين موسى عليه السلام ثم إن قومه أنكروا ذلك عليه فندبهم إلى محاجة الحبرين فوقعت بينهم مجادلة واتفقوا على أن يدخلوا
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»