المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ٣٠٧
المفتونين المغلوبين ثم أخبر تعالى عن الحشر والرجوع إلى الله تعالى في القيامة بأنه آت إذ قد أجله الله تعالى واخبر به وفي قوله * (من كان يرجو لقاء الله) * تثبيت أي من كان على هذا الحق فليوقن بأنه آت وليتزيد بصيرة وقال أبو عبيدة * (يرجو) * ها هنا بمعنى يخاف والصحيح أن الرجاء ها هنا على بابه متمكنا قال الزجاج المعنى لقاء ثواب الله وقوله تعالى * (وهو السميع العليم) * معناه لأقوال كل فرقة و * (العليم) * معناه بالمعتقدات التي لهم وقوله تعالى * (ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه) * إعلام بأن كل واحد مجازى بفعله فهو إذا له وهو حظه الذي ينبغي أن لا يفرط فيه فإن الله غني عن جهاده وغني عن العالمين بأسرهم وهاتان الآيتان نبذ على سؤال الطائفة المرتابة المترددة في فتنة الكفار التي كانت تنكر أن ينال الكفار المؤمنين بمكروه وترتاب من أجل ذلك فكأنهم قيل لهم من كان يؤمن بالبعث فإن الأمر حق في نفسه والله تعالى بالمرصاد أي هذه بصيرة لا ينبغي لأحد أن يعتقدها لوجه أحد وكذلك من جاهد فثمرة جهاده له فلا يمن بذلك على أحد وهذا كما يقول المناظر عند سوق حجته من أراد أن يرى الحق فإن الأمر كذا وكذا ونحو هذا فتأمله وقيل معنى الآية ومن جاهد المؤمنين ودفع في صدر الدين فإنما جهاده لنفسه لا لله فالله غني قال القاضي أبو محمد وهذا قول ذكره المفسرون وهو ضعيف وقوله تعالى * (والذين آمنوا) * الآية إخبار عن المؤمنين المهاجرين الذين هم في أعلى رتبة من البدار إلى الله تعالى رفع بهم عز وجل وبحالهم ليقيم نفوس المتخلفين عن الهجرة وهم الذين فتنهم الكفار إلى الحصول في هذه المرتبة ع و السيئات الكفر وما اشتمل عليه ويدخل في ذلك المعاصي من المؤمنين مع الأعمال الصالحات واجتناب الكبائر وفي قوله عز وجل * (ولنجزينهم أحسن) * حذف مضاف تقديره ثواب أحسن الذي كانوا يعملون.
قوله عز وجل في سورة العنكبوت من 8 - 11 قوله تعالى * (ووصينا الإنسان بوالديه) * الآية روي عن قتادة وغيره أنها نزلت في شأن سعد بن أبي وقاص وذلك أنه هاجر فحلفت أمه أن لا تستظل بظل حتى يرجع إليها ويكفر بمحمد فلج هو في هجرته ونزلت الآية وقيل نزلت في عياش بن أبي ربيعة وذلك أنه اعتراه في دينه نحو من هذا بعد أن خدعه أبو جهل ورده إلى أمه الحديث في كتاب السيرة ولا مرية أنها نزلت فيمن كان من المؤمنين بمكة يشقى بجهاد أبويه في شأن الإسلام أو الهجرة فكان القصد بهذه الآية النهي عن طاعة الأبوين في مثل هذا لعظم الأمر
(٣٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 ... » »»