وأخبر تعالى أن السيئة لا يضاعف جزاؤها فضلا منه ورحمة وقوله تعالى * (إن الذي فرض عليك القرآن) * معناه أنزله عليك وأثبته والفرض أصله عمل فرضة في عود أو نحوه فكأن الأشياء التي تثبت وتمكن وتبقى تشبه ذلك الفرض وقال مجاهد معناه أعطاك القرآن وقالت فرقة في هذا القول حذف مضاف والمعنى فرض عليك أحكام القرآن واختلف المتأولون في معنى قوله * (لرادك إلى معاد) * فقال جمهور المتأولين أراد إلى الآخرة أي باعثك بعد الموت فالآية على هذا مقصدها إثبات الحشر والإعلام بوقوعه وقال ابن عباس وأبو سعيد الخدري وغيرهما المعاد الجنة وقال ابن عباس أيضا وجماعة المعاد الموت قال الفقيه الإمام القاضي فكأن الآية على هذا واعظة ومذكرة وقال ابن عباس أيضا ومجاهد المعاد مكة وهذه الآية نزلت في الجحفة مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم في هجرته إلى المدينة قال أبو محمد فالآية على هذا معلمة بغيب قد ظهر للأمة ومؤنسة بفتح والمعاد الموضع الذي يعاد إليه وقد اشتهر به يوم القيامة لأنه معاد الكل وقوله تعالى * (قل ربي أعلم) * الآية آية متاركة للكفار وتوبيخ وأسند الطبري في تفسير قوله * (لرادك إلى معاد) * قال إلى الجنة قال وسماها معادا إما من حيث قد دخلها النبي صلى الله عليه وسلم في الإسراء وغيره وإما من حيث قد كان فيها آدم عليه السلام فهي معاد لذريته قال الفقيه الإمام القاضي وإنما قال هذا من حيث تعطي لفظة المعاد أن المخاطب قد كان في حال يعود إليها وهذا وإن كان مما يظهر في اللفظ فيتوجه أن يسمى معادا ما لم يكن المرء قط فيه تجوزا ولأنها أحوال تابعة للمعاد الذي هو النشور من القبور قوله عز وجل في سورة القصص من 86 - 88 قال بعض المفسرين قوله تعالى * (وما كنت ترجو) * الآية ابتداء كلام مضمنه تعديد النعمة على محمد صلى الله عليه وسلم وأن الله تعالى رحمة لم يحتسبها ولا بلغها أمله وقال بعضهم بل هو متعلق بقوله تعالى * (إن الذي فرض عليك القرآن) * القصص: 85 أي وأنت بحال من لا يرجو ذلك وقوله تعالى * (يلقى إليك) * عبارة عن تقليده النبوءة وتبليغ القرآن كما تقول ألقى فلان إلى فلان بالرياسة ونحو هذا وقوله تعالى * (إلا رحمة) * نصب على استثناء منقطع والظهير المعين أي اشتد يا محمد في تبليغك ولا تلن ولا تفشل فتكون معونة للكافرين بهذا الوجه أي بالفتور عنهم وقوله تعالى * (ولا يصدنك) * أي بأقوالهم وكذبهم وأذاهم ولا تلتفت نحوه وامض لشأنك وقرأ يعقوب ولا يصدنك بجزم
(٣٠٣)