المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ٢٣٦
بقلب لديغ من خشية الله والسليم اللديغ * (وأزلفت) * معناه قربت والغاوون التي برزت لهم الجحيم هم المشركون بدلالة أنهم خوطبوا في أمر الأصنام والقول لهم * (أين ما كنتم تعبدون من دون الله) * هو على جهة التقريع والتوبيخ والتوقيف على عدم نصرتهم نحوه وقرأ الأعمش فبرزت بالفاء والجمهور بالواو وقرأ مالك بن دينار وبرزت بفتح الراء والزاي ورفع الجحيم ثم أخبر عن حال يوم القيامة من أن الأصنام تكبكب في النار أي تلقى كبة واحدة ووصل بها ضمير من يعقل من حيث ذكرت بعبادة وكانت يسند إليها فعل من يعقل وقيل الضمير في قوله * (هم) * للكفار و * (الغاوون) * الشياطين وكبكب مضاعف من كب هذا قول الجمهور وهو الصحيح لأن معناها واحد والتضعيف في الفعل بين مثل صر وصرصر وغير ذلك و * (الغاوون) * الكفرة الذين شملتهم الغواية و * (جنود إبليس) * نسله وكل من يتبعه لأنهم جند له وأعوان.
قوله عز وجل سورة الشعراء 96104 ثم وصف تعالى أن أهل النار * (يختصمون) * فيها ويتلاومون ويأخذون في شأنهم بجدال ومن جملة قولهم لأصنامهم على جهة الإقرار وقول الحق قسم * (تالله إن كنا) * إلا ضالين في أن نعبدكم ونجعلكم سواء مع الله تعالى الذي هو رب العالمين وخالقهم ومالكهم ثم عطفوا يردون الملامة على غيرهم أي ما أضلنا إلا كبراؤنا وأهل الجرم والجرأة والمكانة ثم قالوا على جهة التلهف والتأسف حين رأوا شفاعة الملائكة والأنبياء والعلماء نافعة في أهل الإيمان عموما وشفاعة الصديق في صدقه خاصة * (فما لنا من شافعين ولا صديق حميم) * وفي هذه اللفظة منبهة على محل الصديق من المرء قال ابن جريج * (شافعين) * من الملائكة و * (صديق) * من الناس.
قال القاضي أبو محمد ولفظة الشفيع تقتضي رفعة مكانه ولفظ الصديق يقتضي شدة مساهمة ونصرة وهو فعيل من صدق الود والحميم الولي والقريب الذي يخصك أمره ويخصه أمرك وحامة الرجل خاصته وباقي الآية بين قد مضى.
قال القاضي أبو محمد وهذه الآيات من قوله تعالى * (يوم لا ينفع مال ولا بنون) * هي عندي منقطعة من كلام إبراهيم عليه السلام وهي إخبار من الله عز وجل تعلق بصفة ذلك اليوم الذي وقف إبراهيم عليه السلام عنده في دعائه أن لا يخزى فيه.
قوله عز وجل سورة الشعراء 105122
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»