المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ٢١٩
قال الفقيه الإمام القاضي ورأيت في بعض التواريخ إن إبراهيم بن المهدي كان من المائلين على علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال يوما بمحضر المأمون وعنده جماعة كنت أرى عليا في النوم فكنت أقول له من أنت فكان يقول علي بن أبي طالب فكنت أجيء معه إلى قنطرة فيذهب فيتقدمني في عبورها فكنت أقول له إنما تدعي هذا الأمر بإمرة ونحن أحق به منك فما رأيت له في الجواب بلاغة كما يذكر عنه فقال المأمون وبماذا جاوبك قال فكان يقول لي سلاما سلاما قال الراوي وكان إبراهيم بن المهدي لا يحفظ الآية أو ذهبت عنه في ذلك الوقت فنبه المأمون على الآية من حضرة وقال هو والله يا عمي علي بن أبي طالب وقد جاوبك بأبلغ جواب فحزن إبراهيم واستحيا وكانت رؤياه لا محالة صحيحة.
قوله عز وجل سورة الفرقان 6466 هذه آية فيها تحريض على القيام بالليل للصلاة قال الحسن لما فرغ من وصف نهارهم وصف في هذه ليلهم وقال بعض الناس من صلى العشاء الآخرة وشفع وأوتر فهو داخل في هذه الآية.
قال الفقيه الإمام القاضي إلا أنه دخول غير مستوفى وقرأ أبو البرهسم سجودا وقياما ومدحهم تعالى بدعائه في صرف * (عذاب جهنم) * من حيث ذلك دليل على صحة عقدهم وإيمانهم ومن حيث أعمالهم بحسبه و * (غراما) * معناه ملازما وقيل مجحفا ومنه غرام الحب ومنه المغرم ومنه قول الأعشى الخفيف ( (إن يعاقب يكن غراما وإن يعط * جزيلا فإنه لا يبالي) وقول بشر بن أبي حازم المتقارب ويوم النسار ويوم الجفار * كانا عناء وكانا غراما) وقرأ جمهور الناس مقاما بضم الميم من الإقامة ومنه قول الشاعر حيوا المقام وحيوا ساكن الدار وقرأت فرقة مقاما بفتح الميم من قام يقوم فجهنم ضد مقام كريم والأول أفصح وأشهر.
قوله عز وجل سورة الفرقان 6770 اختلف المفسرون في هذه الآية التي في الإنفاق فعبارة أكثرهم أن الذي لا يسرف هو المنفق في
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»