المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ١٧٥
النساء والرجال وإنما الآية على نحو التي تقدمت وهي قوله تعالى * (الزاني لا ينكح إلا زانية) * الآية فمعنى هذا التفريق بين حكم عبد الله بن أبي وأشباهه وبين حكم النبي عليه السلام وفضلاء صحابته وأمته أي النبي عليه السلام طيب فلم يجعل الله له إلا كل طيبة وأولئك خبيثون فهم أهل النساء الخبائث.
قال الفقيه الإمام القاضي وبهذه الآية قيل لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم * (الطيبات) * المبرءات وقوله * (أولئك) * إشارة إلى " الطيبين " المذكورين.
قوله عز وجل سورة النور الآية 2728 سبب هذه الآية فيما ذكر الطبري بسند عن عدي بن ثابت أن امرأة من الأنصار قالت يا رسول الله إني أكون في منزلي على الحالة التي لا أحب أن يراني أحد عليها لا والد ولا ولد وإنه لا يزال يدخل علي رجل من أهلي وأنا على تلك الحال فنزلت هذه الآية ثم هي عامة في الأمة غابر الدهر من حيث هذه النازلة تختص بكل أحد في نفسه وبيت الإنسان هو البيت الذي لا أحد معه فيه أو البيت الذي فيه زوجه أو أمته وما عدا فهو غير بيته قال ابن مسعود وغيره ينبغي للإنسان أن لا يدخل البيت الذي فيه أمه إلا بعد الاستيناس وروي في ذلك حديث عن النبي عليه السلام أن رجلا قال يا رسول الله استأذن على أمي قال نعم قال إنما هي أمي ولا خادم لها غيري قال أتحب أن تراها عريانة قال لا قال فاستأذن عليها وكذلك كل ذات محرم منه لأنه لا ينبغي أن يراهن عاريات وقالت زينت امرأة ابن مسعود كان ابن مسعود إذا جاء منزله تنحنح مخافة أن يهجم على ما يكره و * (تستأنسوا) * معناه تستعملوا أي تستعملوا من في البيت وتستبصروا تقول آنست إذا علمت عن حس وإذا أبصرت ومنه قوله تعالى * (آنستم منهم رشدا) * وقوله * (آنست نارا) * ومنه قول حسان بن ثابت أنظر خليلي بباب جلق هل تؤنس دون البلقاء من أحد وقول الحارث أنست نباة البيت ووزن آنس أفعل واستأنس وزنه استفعل فكأن المعنى في تستأنسون تطلبون ما يؤنسكم ويؤنس أهل البيت منكم وإذا طلب الإنسان أن يعلم أمر البيت الذي يريد دخوله فذلك يكون بالاستئذان على من فيه أو بأن يتنحنح ويستشعر بنفسه بأي وجه أمكنه ويتأنى قدر ما يتحفظ ويدخل إثر ذلك وذهب الطبري في * (تستأنسوا) * إلى أنه بمعنى حتى تؤنسوا أهل البيت من أنفسكم بالتنحنح والاستئذان ونحوه وتؤنسوا أنفسكم بأن تعلموا ان قد شهر بكم.
قال الفقيه الإمام القاضي وتصريف الفعل يأبى أن يكون من آنس وذكره الطبري عن ابن عباس أنه كان يقرأ حتى تستأذنوا وتسلموا وهي قراءة أبي بن كعب وحكاها أبو حاتم حتى تسلموا وتستأذنوا قال ابن عباس * (تستأنسوا) * خطأ أو وهم من الكتاب.
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»