المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ١٧٠
جمهور الناس كبره بكسر الكاف وقرأ حميد والأعرج ويعقوب والزهري وأبو رجاء والأعمش وابن أبي عبلة كبره بضم الكاف وهما مصدران من كبر الشيء عظم ولكن استعملت العرب ضم الكاف في السن تقول هذا كبر القوم أي كبيرهم سنا أو مكانة ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في قصة حويصة ومحيصة الكبر الكبر ومن استعماله في المعنى الثاني قول ابن الحطيم. المنسرح (تنام عن كبر شأنها فإذا * قامت رويدا تكاد تنقصف) قوله عز وجل سورة النور الآية 1213 الخطاب بهاتين الآيتين لجميع المؤمنين حاشى من تولى الكبر ويحتمل دخولهم في الخطاب وفي هذا عتاب للمؤمنين أي كان الإنكار واجبا عليهم والمعنى أنه كان ينبغي ان يقيس فضلاء المؤمنين والمؤمنات الأمر على أنفسهم وإذا كان ذلك يبعد فيهم فكانوا يقضون بأنه من صفوان وعائشة أبعد لفضلهما وروي ان هذا النظر السديد وقع من أبي أيوب الأنصاري وامرأته وذلك أنه دخل عليها فقالت له يا أبا أيوب أسمعت ما قيل فقال نعم وذلك الكذب أكنت أنت يا أم أيوب تفعلين ذلك قالت لا والله قال فعائشة والله أفضل منك قالت أم أيوب نعم فهذا الفعل ونحوه هو الذي عاتب الله المؤمنين إذ لم يفعله جميعهم والضمير في قوله * (جاؤوا) * لأولئك الذين تولوا الكبر وإذا كانوا عند الله كذبة فهي الحقيقة فيهم وعند هذا حدوا ولم يرو في شهير الدواوين أن عبد الله بن أبي حد ويشبه ذلك لأنه لم تقم عليه بالمقالة بينة لنفاقه وتستره وإنما كان يخوض فيه مع من يذيعه ولا يسأل عن شهادته كما قال عروة أخبرت أنه كان يقره ويستمعه ويستوشيه.
قال الفقيه الإمام القاضي ولكن النبي عليه السلام استعذر منه على المنبر ووقذه بالقول ووقع في أمره بين الأوس والخزرج ما هو مطول في مسلم في جملة حديث الإفك.
قوله عز وجل سورة النور الآية 1418 هذا عتاب من الله تعالى بليغ ذكر أن حالتهم التي وقع فيها جميعهم من تعاطيهم الحديث وإن لم
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»