المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ١٥٢
* (فخراج ربك) * يريد ثوابه سماه خراجا من حيث كان معادلا للخراج في هذا الكلام ويحتمل أن يريد * (فخراج ربك) * رزق ربك ويؤيد هذا قوله * (وهو خير الرازقين) * و * (الصراط) * المستقيم دين الإسلام و * (ناكبون) * معناه عادلون ومعرضون ثم أخبر تعالى عنهم أنهم لو زال عنهم القحط ومن الله عليهم بالخصب ورحمهم بذلك لبقوا على كفرهم و * (لجوا في طغيانهم) * وهذه الآية نزلت في المرة التي أصابت قريشا فيها السنون المجدبة والجوع الذي دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله اللهم سبعا كسني يوسف الحديث.
قوله عز وجل سورة المؤمنون الآية 7677 هذا إخبار من الله تعالى عن استكبارهم وطغيانهم بعد ما نالهم من الجوع هذا قول روي عن ابن عباس وابن جريج أن العذاب هو الجوع والجدب المشهور نزوله بهم حتى أكلوا الجلود وما جرى مجراها والباب والمتوعد به يوم بدر وهذا القول يرده أن الجدب الذي نالهم إنما كان بعد وقعة بدر وروي أنهم لما بلغهم الجهد جاء أبو سفيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ألست تزعم يا محمد أنك بعثت رحمة للعالمين قال بلى قال قد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع وقد أكلنا العهن فنزلت الآية و * (استكانوا) * معناه انخفضوا وتواضعوا ويحتمل أن يكون من السكون ويلزمه أن يكون استكنوا ووجهه أن فتحة الكاف مطلت فتولدت منه الألف ويعطي التصريف أنه من كان وأن وزنه استفعل وعلى الأول وزنه افتعل وكونه من كان أبين والمعنى فما طلبوا أن يكونوا لربهم أي طاعة وعبيد خير وروي عن الحسن رضي الله عنه أنه قال إذا أصاب الناس من قتل السلطان بلاء فإنما هي نقمة فلا تستقبلوا نقمة الله بالحمية ولكن استقبلوها بالاستغفار واستكينوا وتضرعوا إلى الله وقرأ هذه الآية * (ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون) * والعذاب الشديد إما يوم بدر بالسيوف كما قال بعضهم وإما توعد بعذاب غير معين وهو الصواب لما ذكرناه من تقدم بدر للجماعة وروي عن مجاهد أن العذاب والباب الشديد هو كله مجاعة قريش.
قال القاضي أبو محمد وهذا حسن كأن الأخذ كان في صدر الأمر ثم فتح الباب عند تناهيه حيث أبلسوا وجاء أبو سفيان والملبس الذي قد نزل به شر ويئس من زواله ونسخه بخير.
قوله عز وجل سورة المؤمنون الآية 7883
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»