المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٣ - الصفحة ٤٣٤
بسم الله الرحمن الرحيم سورة الإسراء هذه السورة مكية إلا ثلاث آيات قوله عز وجل * (وإن كادوا ليفتنونك) * وقوله * (وإن كادوا ليستفزونك) * نزلت حين جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد ثقيف وحين قالت اليهود ليس هذه بأرض الأنبياء وقوله عز وجل * (وقل رب أدخلني مدخل صدق) * وقوله عز وجل * (إن ربك أحاط بالناس) * وقال مقاتل وقوله عز وجل * (إن الذين أوتوا العلم من قبله) * قال ابن مسعود في بني إسرائيل والكهف إنهن من العتاق الأول وهن من تلادي يريد أنهن من قديم كسبه.
قوله عز وجل سورة الإسراء 1 لفظ الآية يقتضي أن الله عز وجل أسرى بعبده وهو محمد صلى الله عليه وسلم ويظهر أن * (أسري) * هي هنا معداة بالهمزة إلى مفعول محذوف تقديره أسرى الملائكة بعبده وكذلك يقلق أن يسند * (أسري) * وهو بمعنى سرى إلى الله تعالى إذ هو فعل يعطي النقلة كمشي وجرى وأحضر وانتقل فلا يحسن إسناد شيء من هذا ونحن نجد مندوحة فإذا صرحت الشريعة بشيء من هذا النحو كقوله في الحديث أتيته سعيا وأتيته هرولة حمل ذلك بالتأويل على الوجه المخلص من نفي الحوادث و * (أسري) * في هذه الآية تخرج فصيحة كما ذكرنا ولا نحتاج إلى تجوز قلق في مثل هذا اللفظ فإنه ألزم للنقلة من أتيته و * (أتى الله بنيانهم) * ويحتمل أن يكون * (أسري) * بمعنى سرى على حذف مضاف كنحو قوله تعالى * (ذهب الله بنورهم) * ووقع الإسراء في جميع مصنفات الحديث وروي عن الصحابة في كل أقطار الإسلام فهو من المتواتر بهذا الوجه وذكر النقاش عمن رواه عشرين صحابيا فروى جمهور الصحابة وتلقى جل العلماء منهم أن الإسراء كان بشخصه صلى الله عليه وسلم وأنه ركب البراق من مكة ووصل إلى بيت المقدس وصلى فيه وروى حذيفة وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينزل عن البراق في بيت المقدس ولا دخله قال حذيفة ولو صلى فيه لكتبت عليكم الصلاة فيه وأنه ركب البراق بمكة ولم ينزل عنه حتى انصرف إلى بيته إلا في صعوده إلى السماء وقالت عائشة ومعاوية إنما أسري
(٤٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 ... » »»