المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٣ - الصفحة ٤٢٦
نفس) المعنى لغفور رحيم يوم وقوله * (كل نفس) * أي كل ذي نفس ثم أجري الفعل على المضاف إليه المذكور فأتت العلامة و * (نفس) * الأولى هي النفس المعروفة والثانية هي بمعنى الذات كما تقول نفس الشيء وعينه أي ذاته * (وتوفى كل نفس) * أي يجازى كل من أحسن بإحسانه وكل من أساء بإساءته.
قال القاضي أبو محمد وظاهر الآية أن كل نفس * (تجادل) * كانت مؤمنة أو كافرة فإذا جادل الكفار بكذبهم وجحدهم للكفر شهدت عليهم الجوارح والرسل وغير ذلك بحسب الطوائف فحينئذ لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون فتجتمع آيات القرآن باختلاف المواطن وقالت فرقة الجدال قول كل أحد من الأنبياء وغيرهم نفسي نفسي وهذا ليس بجدال ولا احتجاج إنما هو مجرد رغبة.
قوله عز وجل سورة النحل 112 - 114 قال ابن عباس ومجاهد وابن زيد وقتادة والقرية المضروب بها المثل مكة كانت بهذه الصفة التي ذكر الله لأنها كانت لا تغزى ولا يغير عليها أحد.
وكانت الأرزاق تجلب إليها وأنعم الله عليها رسوله والمراد بهذه الضمائر كلها أهل القرية فكفروا بأنعم الله في ذلك وفي جملة الشرع والهداية فأصابتهم السنون والخوف وسرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم وغزواته هذا إن كانت الآية مدنية وإن كانت مكية فجوع السنين وخوف العذاب من الله بحسب التكذيب.
قال القاضي أبو محمد وإن كانت هي التي ضربت مثلا فإنما ضربت لغيرها مما يأتي بعدها ليحذر أن يقع فيما وقعت هي فيه وحكى الطبري عن حفصة أم المؤمنين أنها كانت تسأل في وقت حصر عثمان بن عفان رضي الله عنه ما صنع الناس وهي صادرة من الحج من مكة فقيل لها قتل فقالت والذي نفسي بيده إنها القرية تعني المدينة التي قال الله لها * (وضرب الله مثلا) * الآية.
قال القاضي أبو محمد فأدخل الطبري هذا على أن حفصة قالت إن الآية نزلت في المدينة وإنها هي التي ضربت مثلا والأمر عندي ليس كذلك وإنما أرادت أن المدينة قد حصلت في محذور الملل وحل بها ما حل بالتي جعلت مثلا وكذلك يتوجه عندي في الآية أنها قصد بها قرية غير معينة جعلت مثلا لكة على معنى التحذير لأهلها ولغيرها من القرى إلى يوم القيامة و * (رغدا) * نصب على الحال و * (أنعم) * جمع نعمة كشدة وأشد كذا قال سيبويه وقال قطرب * (أنعم) * جمع نعم وهي بمعنى التنعيم يقال هذه أيام
(٤٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 ... » »»