وعنادا وأمر نبيه أن يخبر أن القرآن وناسخه ومنسوخه إنما نزله جبريل عليه السلام وهو * (روح القدس) * لا خلاف في ذلك و * (القدس) * الموضع المطهر فكأن جبريل أضيف إلى الأمر المطهر بإطلاق وسمي روحا إما لأنه ذو روح من جملة روح الله الذي بثه في خلقه وخص هو بهذا الاسم وإما لأنه يجري من الهدايات والرسالات ومن الملائكة أيضا مجرى الروح من الأجساد لشرفه ومكانته وقرأ ابن كثير القدس بسكون الدال وقرأ الباقون القدس بضمها وقوله * (بالحق) * أي مع الحق في أوامره ونواهيه وأحكامه ومصالحه وأخباره ويحتمل ان يكون قوله * (بالحق) * بمعنى حقا ويحتمل أن يريد * (بالحق) * في أن ينزل أي أنه واجب لمعنى المصلحة أن ينزل وعلى هذا الاحتمال اعتراضات عند أصحاب الكلام على أصول الدين وباقي الآية بين وقوله * (ولقد نعلم أنهم يقولون) * قال ابن عباس كان في مكة غلام أعجمي لبعض قريش يقال له بلعام فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلمه ويعلمه الإسلام ويرومه عليه فقالت قريش هذا يعلم محمدا من جهة الأعاجم فنزلت الآية بسببه وقال عكرمة وسفيان كان اسم الغلام يعيش وقال عبد الله بن مسلم الحضرمي كان بمكة غلامان أحدهما اسمه جبر والآخر يسار وكانا يقرآن بالرومية وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس إليهما فقالت قريش ذلك ونزلت الآية وقال ابن إسحاق والإشارة إلى جبر وقال الضحاك الإشارة إلى سلمان الفارسي.
قال القاضي أبو محمد وهذا ضعيف لأن سلمان إنما أسلم بعد الهجرة بمدة وقرأت فرقة لسان الذي وقرأ الحسن البصري اللسان الذي بالتعريف ويغير تنوين في رأي بشر وقرأ نافع وابن كثير يلحدون بضم الياء منألحد إذا مال وهي قراءة أبي عمرو وعاصم وابن عامر وأبي جعفر بن القعقاع وقرأ حمزة والكسائي يلحدون بفتح الياء من لحد وهي قراءة عبد الله وطلحة وأبي عبد الرحمن والأعمش ومجاهد وهما بمعنى ومنه قول الشاعر (قدني من نصر الخبيبين قدي * ليس أمري بالشحيح الماحد) الرمل يريد المائل عن الجود وحال الرياسة وقوله " أعجمي إضافة إلى أعجم لا إلى العجم لأنه كان يقول عجمي والأعجمي هو الذي لا يتكلم بالعربية وأما العجمي فقد يتكلم بالعربية ونسبته قائمة وقوله " وهذا " إشارة إلى القرآن والتقدير وهذا سرد لسان أو نطق لسان فهو على حذف مضاف وهذا على أن يجعل اللسان هنا الجارحة واللسان في كلام العرب اللغة ويحتمل أن يراد في هذه الآية واللسان الخبر ومنه قول الأعشى إني أتتني لسان غير كاذبة.
ومنه قول الآخر (لسان السوء يهديها إلينا * وجبت وما حسبتك أن تجينا " الوافر وحكى الطبري عن سعيد بن المسيب أن الذي ذكر الله * (إنما يعلمه بشر) * * (إنما) * هي إشارة إلى كاتب كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم في أواخر الآيات والله سميع عليم أو عزيز حكيم أو نحو هذا ثم يشتغل بسماع الوحي فيبدل هو بغفور رحيم أو نحوه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الآيات هو كما كتبت ففتن وقال أنا