المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٣ - الصفحة ٣٠٣
الناظر إليهم أو ممن هو منهم بسبب كما غير الله تعالى بالمنهزمين يوم أحد بسبب تغيير الرماة ما بأنفسهم إلى غير هذا من أمثلة الشريعة.
فليس معنى الآية أنه ليس ينزل بأحد عقوبة إلا بأن يتقدم منه ذنب بل قد تنزل المصائب بذنوب الغير وثم أيضا مصائب يريد الله بها اجر المصاب فتلك ليست تغييرا.
ثم أخبر تعالى أنه * (إذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له) * ولا حفظ منه وهذا جرى في طريقة التنبيه على قدرة الله تعالى وإحاطته والسوء والخير بمنزلة واحدة في أنهما إذا أرادهما الله بعبد لم يردا لكنه خص السوء بالذكر ليكون في الآية تخويف واختلف القراء في وال فأماله بعضهم ولم يمله بعضهم والوالي الذي يلي أمر الإنسان كالولي هما من الولاية كعليم وعالم من العلم.
وقوله تعالى * (هو الذي يريكم) * الآية هذه آية تنبيه على القدرة و * (البرق) * روي فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مخراق بيد ملك يزجر به السحاب وهذا أصح ما روي فيه وروي عن بعض العلماء أنه قال البرق اصطكاك الأجرام وهذا عندي مردود وقال أبو الجلد البرق في هذه الآية الماء وذكره مكي عن ابن عباس.
قال القاضي أبو محمد ومعنى هذا القول أنه لما كان داعية الماء وكان خوف المسافرين من الماء وطمع المقيمين فيه عبر في هذا القول عنه بالماء.
وقوله * (خوفا وطمعا) * من رأى ذلك في الماء فهو على ما تقدم والظاهر أن الخوف إنما هو من صواعق البرق والطمع في المطر الذي يكون معه وهو قول الحسن و * (السحاب) * جمع سحابة ولذلك جمع الصفة و " الثقال " معناه بحمل الماء وبذلك فسر قتادة ومجاهد والعرب تصفها بذلك ومنه قول قيس بن الخطيم (فما روضة من رياض القطا * كأن المصابيح حواذنها) (بأحسن منها ولا مزنة * دلوح تكشف أدجانها) المتقارب والدلوح المثقلة.
و " الرعد " ملك يزجر * (السحاب) * بصوته وصوته هذا المسموع تسبيح و " الرعد " اسم الملك وقيل الرعد اسم صوت الملك وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا سمع الرعد قال اللهم لا تهلكنا بغضبك ولا تقتلنا بعذابك وعافنا قبل ذلك وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره أنهم كانوا إذا سمعوا الرعد قالوا سبحان من سبحت له وروي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع الرعد قال سبحان من سبح الرعد بحمده.
وقال ابن أبي زكرياء من قال إذا سمع الرعد سبحان الله وبحمده لم تصبه صاعقة.
وقيل في الرعد أيضا إنه ريح تختنق بين السحاب روي ذلك عن ابن عباس في غير ما ديوان.
قال القاضي أبو محمد وهذا عندي فيه نظر لأنها نزعات الطبيعيين وغيرهم.
وروي أيضا عن ابن عباس أن الملك إذا غضب وزجر السحاب اصطدمت من خوفه فيكون البرق وتحتك فتكون الصواعق.
وقوله " ويرسل الصواعق " الآية قيل إنه أدخلها في التنبيه على القدرة بغير سبب ساق ذلك.
(٣٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 ... » »»