المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٣ - الصفحة ٢٣١
امرأته راعيل قاله ابن إسحاق وقيل ربيحة وقيل زليخا وظاهر أمر العزيز أنه كان كافرا ويدل على ذلك كون الصنم في بيته حسبما نذكره في البرهان الذي رأى يوسف وقال مجاهد كان العزيز مسلما.
والمثوى مكان الإقامة والإكرام إنما هو لذي المثوى ففي الكلام استعارة وقوله * (عسى أن ينفعنا) * أي بأن يعيننا في أبواب دنيانا وغير ذلك من وجوه النفع وقوله * (أو نتخذه ولدا) * أي نتبناه وكان فيما يقال لا ولد له.
ثم قال تعالى * (وكذلك) * أي كما وصفنا * (مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه) * فعلنا ذلك.
و * (الأحاديث) * الرؤيا في النوم قاله مجاهد وقيل أحاديث الأمم والأنبياء.
والضمير في * (أمره) * يحتمل ان يعود على يوسف قاله الطبري ويحتمل أن يعود على الله عز وجل قاله ابن جبير فيكون إخبارا منبها على قدرة الله عز وجل ليس في شأن يوسف خاصة بل عاما في كل أمر.
وكذلك الاحتمال في قول الشاعر (رأيت أبا بكر وربك غالب * على أمره يبغي الخلافة بالتمر) الطويل وأكثر الناس الذين نفي عنهم العلم هم الكفرة وفيهم الذين زهدوا في يوسف وغيرهم ممن جهل أمره وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال أصح الناس فراسة ثلاثة العزيز حين قال لامرأته * (أكرمي مثواه) * وابنة شعيب حين قالت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين وأبو بكر حين استخلف عمر بن الخطاب.
قال القاضي أبو محمد وفراسة العزيز إنما كانت في نفس نجابة يوسف لا انه تفرس الذي كان كما في المثالين الآخرين فإن ما تفرس خرج بعينه.
والأشد استكمال القوة وتناهي البأس أولهما البلوغ وقد عبر عنه مالك وربيعة ببنية الإنسان وهما أشدان وذكره منذر بن سعيد والثاني الذي يستعمله العرب وقيل هو من ثماني عشرة سنة إلى ستين سنة.
قال القاضي أبو محمد وهذا قول ضعيف.
وقيل الأشد بلوغ الأربعين وقيل بل ستة وثلاثون وقيل ثلاثة وثلاثون.
قال القاضي أبو محمد وهذا هو أظهر الأقوال فيما نحسبه وهو الأسبوع الخامس وقيل عشرون سنة وهذا ضعيف.
وقال الطبري الأشد لا واحد له من لفظه وقال سيبويه الأشد جمع شدة نحو نعمة وأنعم وقال الكسائي أشد جمع شد نحو قد وأقد وشد النهار معظمه وحيث تستكمل نهاريته.
وقوله * (حكما) * يحتمل ان يريد الحكمة والنبوءة وهذا على الأشد الأعلى ويحتمل الحكمة والعلم دون النبوءة وهذا أشبه إن كانت قصة المراودة بعد هذا.
و * (حكما) * يريد تأويل الأحاديث وغير ذلك.
ويحتمل أن يريد بقوله * (حما) * أي سلطانا في الدنيا وحكما بين الناس بالحق.
وتدخل النبوة وتأويل الأحاديث وغير ذلك في قوله * (وعلما) *.
(٢٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 ... » »»