المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٣ - الصفحة ٢٠٩
وقيل في البرزخ بين الدنيا والآخرة وقيل في المسافات التي بينهم في دخول النار إذ دخولهم إنما هو زمرا بعد زمر وقيل الاستثناء من قوله " ففي النار " كأنه قال إلا ما شاء ربك من تأخير عن ذلك وهذا قول رواه أبو نضرة عن جابر أو عن أبي سعيد الخدري.
ثم أخبر منبها على قدرة الله تعالى بقوله " إن ربك فعال لما يريد ".
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر سعدوا بفتح السين وهو فعل لا يتعدى وقرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص سعدوا بضم السين وهي شاذة ولا حجة في قولهم مسعود لأنه مفعول من أسعد على حذف الزيادة كما يقال محبوب من أحب ومجنون من أجنه الله وقد قيل في مسعود إنما أصله الوصف للمكان يقال مكان مسعود فيه ثم نقل إلى التسمية به وذكر أن الفراء حكى أن هذيلا تقول سعده الله بمعنى أسعده.
وبضم السين قرأ ابن مسعود وطلحة بن مصرف وابن وثاب والأعمش.
والأقوال المترتبة في استثناء التي قبل هذه تترتب ها هنا إلا تأويل من قال هو استثناء المدة التي تخرب فيها جهنم فإنه لا يترتب مثله في هذه الآية ويزيد هنا قول أن يكون الاستثناء في المدة التي يقيمها العصاة في النار ولا يترتب أيضا تأويل من قال في تلك إن الاستثناء هو من قوله * (في النار) *.
وقوله (عطاء غير مجذوذ) نصب على المصدر والمجذوذ المقطوع.
والجذ القطع وكذلك الجد وكذلك الحز.
قوله عز وجل سورة هود 109 - 111 لفظ الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمعنى له ولأمته ولم يقع لأحد شك فيقع عنه نهي ولكن من فصاحة القول في بيان ضلالة الكفرة إخراجه في هذه العبارة أي حالهم أوضح من أن يمترى فيها وال * (مرية) * الشك و * (هؤلاء) * إشارة إلى كفار العرب عبدة الأصنام ثم قال " ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل " المعنى أنهم مقلدون لا برهان عندهم ولا حجة وإنما عبادتهم تشبها منهم بآباتهم لا لا عن بصيرة وقوله " وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص " وعيد ومعناه العقوبة التي تقتضيها أعمالهم ويظهر من قوله " غير منقوص " أن على الأولين كفلا من كفر الآخرين.
وقرأ الجمهور لموفوهم بفتح الواو وشد الفاء وقرأ ابن محيصن لموفوهم بسكون الواو وتخفيف الفاء.
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»