الاشتراك في العامل نفسه لا يكون إلا بحرف عطف وإنما القصد أن تعدد نعمة الله تعالى على المؤمنين في يوم بدر فقال واذكروا إذ فعلنا كذا وقال الطبري العامل في * (إذ) * قوله * (ولتطمئن) * قال القاضي أبو محمد وهذا مع احتماله فيه ضعيف ولو جعل العامل في * (إذ) * شيئا قريبا مما قبلها لكان الأولى في ذلك أن يعمل في * (إذ) * * (حكيم) * لأن إلقاء النعاس عليهم وجعله أمنة حكمة من الله عز وجل وقرأ نافع يغشيكم بضم الياء وسكون الغين وهي قراءة الأعرج وأبي حفص وابن نصاح وقرأ عاصم وحمزة وابن عامر والكسائي يغشيكم بفتح الغين وشد الشين المكسورة وهي قراءة عروة بن الزبير وأبي رجاء والحسن وعكرمة وغيرهم وقرأ ابن كثير وابن عمرو يغشاكم بفتح الياء وألف بعد الشين وهي قراءة مجاهد وابن محيصن وأهل مكة النعاس بالرفع وحجة من قرأ يغشاكم إجماعهم في آية أحد على * (يغشى طائفة منكم) * وحجة من قرأ يغشيكم أن يجيء الكلام متسقا مع * (ينزل) * ومعنى * (يغشيكم) * يغطيكم به ويفرغه عليكم وهذه استعارة و * (النعاس) * أخف النوم وهو الذي قد يصيب الإنسان وهو واقف أو ماش وينص على ذلك قصص هذه الآية أنهم إنما كان بهم خفق في الرؤوس وقول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا نعس أحدكم في صلاته) الحديث وينص على ذلك قول الشاعر ابن الرقاع (وسنان أقصده النعاس فرنقت * في عينه سنة وليس بنائم) الكامل وقوله * (أمنه) * مصدر من أمن الرجل يأمن أمنا وأمنة وأمانا والهاء فيها لتأنيث المصدر كما هي في المساءة والمشقة وقرأ ابن محيصن أمنة بسكون الميم وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال النعاس عند حضور القتال علامة أمن من العدو وهو من الله وهو في الصلاة من الشيطان قال القاضي أبو محمد وهذا إنما طريقة الوحي فهو لا محالة إنما يسنده وقوله * (وينزل عليكم من السماء ماء) * تعديد أيضا لهذه النعمة في المطر فقال بعض المفسرين وحكاه الطبري عن ابن عباس وغيره وقاله الزجاج إن الكفار يوم بدر سبقوا المؤمنين إلى ماء بدر فنزلوا عليه وبقي المؤمنون لا ماء لهم فوجست نفوسهم وعطشوا وأجنبوا وصلوا كذلك فقال بعضهم في نفوسهم بإلقاء الشيطان إليهم نزعم أنا أولياء الله وفينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحالنا هذه والمشركون على الماء فأنزل الله المطر ليلة بدر السابعة عشرة من رمضان حتى سالت الأودية فشرب الناس وتطهروا وسقوا الظهر وتدمثت السبخة التي كانت بينهم وبين المشركين حتى ثبتت فيها أقدام المسلمين وقت القتال وكانت قبل المطر تسوخ فيها الأرجل فلما نزل الطش تلبدت قالوا فهذا معنى قوله * (ليطهركم به) * أي من الجنابة * (ويذهب عنكم رجز الشيطان) * أي عذابه لكم بوساوسه المتقدمة الذكر والرجز العذاب وقرأ أبو العالية رجس بالسين أي وساوسه التي تمقت وتتقذر وقرأ ابن محيصن رجز بضم الراء وقرأ عيسى بن عمر ويذهب بجزم الباء " وليربط على قلوبكم " أي بتنشيطها وإزالة الكسل عنها وتشجيعها على العدو ومنه قولهم رابط الجأش أي ثابت النفس عند جأشها في الحرب * (ويثبت به الأقدام) * أي في الرملة الدهسة التي كان المشي فيها صعبا
(٥٠٦)