قال القاضي أبو محمد وقال بعض أهل هذه المقالة إن إبليس قتلته الملائكة يوم بدر ورووا في ذلك أثرا ضعيفا قال القاضي أبو محمد والأول من هذه الأقوال أصح وأشهر في الشرع ومعنى * (من المنظرين) * من الطائفة التي تأخرت أعمارها كثيرا حتى جاءت آجالها على اختلاف أوقاتها فقد عم تلك الفرقة إنظار وإن لم يكونوا أحياء مدة الدهر وقوله * (فبما) * يحتمل أن يريد به القسم كما تقول فبالله لأفعلن ويحتمل أن يريد به معنى المجازاة كما تقول فبإكرامك يا زيد لأكرمنك قال القاضي أبو محمد وهذا أليق المعاني بالقصة ويحتمل أن يريد فمع إغوائك لي ومع ما أنا عليه من سوء الحال لأتجلدن ولأقعدن ولا يعرض لمعنى المجازاة ويحتمل أن يريد بقوله * (فبما) * الاستفهام عن السبب في إغوائه ثم قطع ذلك وابتدأ الإخبار عن قعوده لهم وبهذا فسر الطبري أثناء لفظه و * (أغويتني) * قال الجمهور معناه أضللتني من الغي وعلى هذا المعنى قال محمد بن كعب القرظي فيما حكى الطبري قاتل الله القدرية لإبليس أعلم بالله منهم يريد في أنه علم أن الله يهدي ويضل وقال الحسن * (أغويتني) * لعنتني وقيل معناه خيبتني قال القاضي أبو محمد وهذا كله تفسير بأشياء لزمت إغواءه وقالت فرقة * (أغويتني) * معناه أهلكتني حكى ذلك الطبري وقال هو من قولك غوى الفصيل ويغوي غوى إذا انقطع عنه اللبن فمات وأنشد (معطفة الأثناء ليس فصيلها * برازئها درا ولا ميت غوى) الطويل قال وقد حكي عن بعض طيىء أصبح فلان غاويا أي مريضا وقوله * (لأقعدن لهم صراطك) * يريد على صراطك وفي صراطك وحذف كما يفعل في الظروف ونحوه قول الشاعر ساعدة بن جؤية (لدن بهز الكف يعسل متنه * فيه كما عسل الطريق الثعلب) وقال مجاهد * (صراطك المستقيم) * يريد به الحق وقال عون بن عبد الله يريد طريق مكة قال القاضي أبو محمد وهذا تخصيص ضعيف وإنما المعنى لأتعرضن لهم في طريق شرعك وعبادتك ومنهج النجاة فلأصدنهم عنه ومنه قوله صلى الله عليه وسلم (إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه نهاه عن الإسلام وقال تترك دين آبائك فعصاه فأسلم فنهاه عن الهجرة وقال تدع أهلك وبلدك فعصاه فهاجر فنهاه عن الجهاد وقال تقتل وتترك ولدك فعصاه فجاهد فله الجنة) الحديث قوله عز وجل سورة الأعراف 17 18 هذا توكيد من إبليس في أنه يجد في إغواء بني آدم وهذا لم يكن حتى علم إبليس أن الله يجعل في
(٣٨٠)