المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٢ - الصفحة ٢٣١
تتحصل بثوب واحد أي ثوب كان بعد إجماع الناس أن القلنسوة بانفرادها لا تجزىء في كفارة اليمين قال مجاهد يجزئ في كفارة اليمين ثوب واحد فما زاد وقال الحسن الكسوة ثوب لكل مسكين وقاله طاوس وقال منصور الكسوة ثوب قميص أو رداء أو إزار قاله أبو جعفر وعطاء وابن عباس وقال قد تجزىء العباءة في الكفارة وكذلك الشملة وقال الحسن بن أبي الحسن تجزىء العمامة في كفارة اليمين وقال مجاهد يجزئ كل شيء إلا التبان وروي عن سلمان رضي الله عنه أنه قال نعم الثوب التبان أسنده الطبري وقال الحكم بن عتيبة تجزىء عمامة يلف بها رأسه وراعى قوم معهود الزي والكسوة المتعارفة فقال بعضهم لا يجزئ الثوب الواحد إلا إذا كان جامعا مما قد يتزيى به كالكساء والملحفة قال إبراهيم النخعي يجزيء الثوب الجامع وليس القميص والدرع والخمار ثوبا جامعا قال القاضي أبو محمد قد يكون القميص الكامل جامعا وزيا وقال بعضهم الكسوة في الكفارة إزار وقميص ورداء قاله ابن عمر رضي الله عنه وروي عن الحسن وابن سيرين وأبي موسى الأشعري أن الكسوة في الكفارة ثوبان لكل مسكين وعلق مالك رحمه الله الحكم بما يجزئ في الصلاة وهذا أحسن نظر فقال يجزئ في الرجل ثوب واحد وقال ابن حبيب يكسي قميصا أو إزارا يبلغ أن يلتف به مشتملا وكلام ابن حبيب تفسير قال مالك تكسى المرأة درعا وخمارا وقال ابن القاسم في العتبية وإن كسا صغير الإناث فدرع وخمار كالكبيرة والكفارة واحدة لا ينقص منها لصغير قال عنه ابن المواز ولا تعجبني كسوة المراضع بحال فأما من أمر بالصلاة فيكسوه قميصا ويجزئه قال ابن المواز من رأيه بل كسوة رجل كبير وإلا لم يجزئ قال أشهب تعطى الأنثى إذا لم تبلغ الصلاة ثوب رجل ويجزىء وقاله ابن الماجشون وقوله * (أو تحرير رقبة) * التحرير الإخراج من الرق ويستعمل في الأسر والمشقات وتعب الدنيا ونحوها فمنه قوله تعالى عن أم مريم * (إني نذرت لك ما في بطني محررا) * أي من شغوب الدنيا ومن ذلك قول الفرزدق (ابني غدانة إنني حررتكم * فوهبتكم لعطية بن جعال) أي حررتكم من الهجاء وخص الرقبة من الإنسان إذ هو العضو الذي فيه يكون الغل والتوثق غالبا من الحيوان فهو موضع الملك فأضيف التحرير إليها واختلف الناس في صفة المعتق في الكفارة كيف ينبغي أن يكون فقالت جماعة من العلماء هذه رقبة مطلقة لم تقيد بأيمان فيجوز في كفارة اليمين عتق الكافر وهذا مذهب الطبري وجماعة من العلماء وقالت فرقة كل مطلق في القرآن من هذا فهو راجع إلى المقيد في عتق الرقبة في القتل الخطأ فلا يجزئ في شيء من الكفارات كافر وهذا قول مالك رحمه الله وجماعة معه وقال مالك رحمه الله لا يجزي أعمى ولا أبرص ولا مجنون وقال ابن شهاب وجماعة وفي الأعور قولان في المذهب وكذلك في الأصم وفي الخصي وفي العلماء من رأى أن جميع هذا يجزئ وفرق النخعي فجوز عتق من يعمل أشغاله وخدمته ومنع عتق من لا يعمل كالأعمى والمقعد والأشل اليدين قال مالك رحمه الله الأعجمي عندي يجزئ من قصر النفقة وغيره أحب إلي قال سحنون يريد بعد أن يجيب إلى الإسلام فإن كان الأعجمي لم يجب إلا أنه ممن يجبر على الإسلام كالكبير من المجوس والصغير من الحربيين الكتابيين فقال ابن القاسم يجزئ عتقه وإن لم يسلم وقال أشهب لا
(٢٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 ... » »»