ثم وقف الله تعالى نبيه على مقدار عصمته له وأنها بفضل من الله ورحمة وقوله تعالى * (لهمت) * معناه لجعلته همها وشغلها حتى تنفذه وهذا يدل على أن الألفاظ عامة في غير أهل النازلة وإلا فأهل التعصب لبني أبيرق قد وقع همهم وثبت وإنما المعنى ولولا عصمة الله لك لكان في الناس من يشتغل حيزهم ثم ضمن وعد الله تعالى له أنهم لا يضرونه شيئا وقرر عليه نعمه لديه من إنزال * (الكتاب) * المتلو * (والحكمة) * التي بعضها خوطب به وبعضها جعلت له سجية ملكها وقريحة يعمل عنها وينظر بين الناس بها لا ينطق عن الهوى وبهذين علمه ما لم يكن يعلم وباقي الآية بين قوله تعالى سورة النساء 114 115 116 الضمير في * (نجواهم) * عائد على الناس أجمع وجاءت هذه الآيات عامة التناول وفي عمومها يندرج أصحاب النازلة وهذا عن الفصاحة والإيجاز المضمن الماضي والغابر في عبارة واحدة والنجوى المسارة مصدر وقد تسمى به الجماعة كما يقال قوم عدل ورضا وتحتمل اللفظة في هذه الآية أن تكون الجماعة وأن تكون المصدر نفسه فإن قدرناها الجماعة فالاستثناء متصل كأنه قال لا خير في كثير من جماعاتهم المنفردة المتسارة إلا من وإن قدرنا اللفظة المصدر نفسه كأنه قال لا خير في كثير من تناجيهم فالاستثناء منقطع بحكم اللفظ ويقدر اتصاله على حذف مضاف كأنه قال إلا نجوى من قال بعض المفسرين النجوى كلام الجماعة المنفردة كان ذلك سرا أو جهرا قال القاضي أبو محمد رحمه الله انفراد الجماعة من الاستسرار والغرض المقصود أن النجوى ليست بمقصورة على الهمس في الأذن ونحوه والمعروف لفظ يعم الصدقة والإصلاح ولكن خصا بالذكر اهتماما بهما إذ هما عظيما الغناء في مصالح العباد ثم وعد تعالى بالأجر العظيم على فعل هذه الخيرات بنية وقصد لرضا الله تعالى و * (ابتغاء) * نصب على المصدر وقرأ ابن كثير ونافع وعاصم والكسائي * (فسوف نؤتيه) * بالنون وقرأ أبو عمرو وحمزة يؤتيه بالياء والقراءتان حسنتان وقوله تعالى * (ومن يشاقق الرسول) * الآية لفظ عام نزل بسبب طعمة بن أبيرق لأنه ارتد وسار إلى مكة فاندرج الإنحاء عليه في طي هذا العموم المتناول لمن اتصف بهذه الصفات إلى يوم القيامة وقوله * (ما تولى) * وعيد بأن يترك مع فاسد اختياره في تولي الطاغوت وقرأ ابن أبي عبلة يوله ويصله بالياء فيهما
(١١٢)