وفي قوله تعالى * (أعدت) * رد على من أنه قال إن النار لم تخلق حتى الآن وهو القول الذي سقط فيه منذر بن سعيد البلوطي الأندلسي وذهب بعض المتأولين إلى أن هذه النار المخصصة بالحجارة هي نار الكافرين خاصة وأن غيرها هي للعصاة وقال الجمهور بل الإشارة إلى جميع النار لا إلى نار مخصوصة وإنما ذكر الكافرين ليحصل المخاطبون في الوعيد إذ فعلهم كفر فكأنه أنه قال أعدت لمن فعل فعلكم وليس يقتضي ذلك أنه لا يدخلها غيرهم وقرأ ابن أبي عبلة أعدها الله للكافرين سورة البقرة 25 * (بشر) * مأخوذ من البشرة لأن ما يبشر به الإنسان من خير أو شر يظهر عنه أثر في بشرة الوجه والأغلب استعمال البشارة في الخير وقد تستعمل في الشر مقيدة به منصوصا على الشر المبشر به كما أنه قال تعالى * (فبشرهم بعذاب أليم) * آل عمران 21 التوبة 34 الانشقاق 24 ومتى أطلق لفظ البشارة فإنما يحمل على الخير وفي قوله تعالى * (وعملوا الصالحات) * رد على من يقول إن لفظة الإيمان بمجردها تقتضي الطاعات لأنه لو كان ذلك ما أعادها و * (أن) * في موضع نصب ب * (بشر) * وقيل في موضع خفض على تقدير باء الجر و * (جنات) * جمع جنة وهي بستان الشجر والنخيل وبستان الكرم يقال له الفردوس وسميت جنة لأنها تجن من دخلها أي تستره ومنه المجن والجنن وجن الليل و * (من تحتها) * معناه من تحت الأشجار التي يتضمنها ذكر الجنة وقيل قوله * (من تحتها) * معناه بإزائها كما تقول داري تحت دار فلان وهذا ضعيف و * (الأنهار) * المياه في مجاريها المتطاولة الواسعة لأنها لفظة مأخوذة من أنهرت أي وسعت ومنه قول قيس بن الخطيم (ملكت بها كفي فأنهرت فتقها * يرى قائم من دونها ما وراءها) الطويل ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه معناه ما وسع الذبح حتى جرى الدم كالنهر ونسب الجري إلى نهر وإنما يجري الماء وحده تجوزا كما أنه قال * (واسأل القرية) * يوسف 82 وكما أنه قال الشاعر مهلهل أخو كليب (نبئت أن النار بعدك أوقدت * واستب بعدك يا كليب المجلس) الكامل وروي أن أنهار الجنة ليست في أخاديد إنما تجري على سطح أرض الجنة منضبطة وقوله
(١٠٨)