الدين والنفاق فيه والكفر في الأمر وضده في هذا المعنى بمنزلة مجاورة أجنبيين فيكون الفعل كأنه من اثنين وقد أنه قال الشاعر الكميت (تذكر من أنى ومن أين شربه * يؤامر نفسيه كذي الهجمة الإبل) الطويل وأنشد ابن الأعرابي (لم تدر ما لا ولست قائلها * عمرك ما عشت آخر الأبد) (ولم تؤامر نفسيك ممتريا فيها * وفي أختها ولم تكد) المنسرح وقال الآخر (يؤامر نفسيه وفي العيش فسحة * أيستوتغ الذوبان أم لا يطورها) وأنشد ثعلب عن ابن الأعرابي (وكنت كذات الضنء لم تدر إذ بغت * تؤامر نفسيها أتسرق أم تزني) الطويل ووجه قراءة عاصم ومن ذكر أن ذلك الفعل هو خدع لأنفسهم يمضي عليها تقول خادعت الرجل بمعنى أعملت التحيل عليه فخدعته بمعنى تمت عليه الحيلة ونفذ فيه المراد والمصدر خدع بكسر الخاء وخديعة حكى ذلك أبو زيد فمعنى الآية وما ينفذون السوء إلا على أنفسهم وفيها ووجه قراءة أبي طالوت أحد أمرين إما أن يقدر الكلام وما يخدعون إلا عن أنفسهم فحذف حرف الجر ووصل الفعل كما أنه قال تعالى * (واختار موسى قومه) * الأعراف 155 أي من قومه وإما أن يكون يخدعون أعمل عمل ينتقصون لما كان المعنى وما ينقصون ويستلبون إلا أنفسهم ونحوه قول الله تعالى * (ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) * البقرة 187 ولا تقول رفثت إلى المرأة ولكن لما كان بمعنى الإفضاء ساغ ذلك ومنه وقوله تعالى * (هل لك إلى أن تزكى) * النازعات 18 وإنما يقال هل لك في كذا ولكن لما كان المعنى أجد بك إلى أن تزكى ساغ ذلك وحسن وهو باب سني من فصاحة الكلام ومنه قول الفرزدق (كيف تراني قالبا مجني * قد قتل الله زيادا عني) الرجز لما كانت قتل قد دخلها معنى صرف ومنه قول الآخر نحيف العامري (إذا رضيت علي بنو قشير * لعمر الله أعجبني رضاها) الوافر لما كانت رضيت قد تضمنت معنى أقبلت علي وأما الكسائي فقال في هذا البيت وصل رضي بوصل نقيضه وهو سخط وقد تجرى أمور في اللسان مجرى نقائضها ووجه قراءة قتادة المبالغة في الخدع إذ هو مصير إلى عذاب الله قال الخليل يقال خادع من واحد لأن في المخادعة مهلة كما يقال عالجت المريض لمكان المهلة
(٩١)