المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٤٤٨
وثلاثين بعيرا وأربعا وثلاثين فرسا عارية كل سنة ورسول الله ضامن ذلك حتى يؤديها إليهم وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لو لاعنوا لاستؤصلوا من جديد الأرض) وقال أيضا (لو فعلوا لاضطرم عليهم الوادي نارا) وروى علباء بن أحمر اليشكري أنه قال لما نزلت هذه الآية أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي وفاطمة وابنيهما الحسن والحسين ودعا اليهود ليلاعنهم فقال شاب من اليهود ويحكم أليس عهدكم بالأمس بإخوانكم الذين مسخوا قردة وخنازير فلا تلاعنوا فانتهوا وفي هذه القصة اختلافات للرواة وعبارات تجري كلها في معنى ما ذكرناه لكنا قصدنا الإيجاز وفي ترك النصارى الملاعنة لعلمهم بنبوة محمد شاهد عظيم على صحة نبوته صلى الله عليه وسلم وما روي من ذلك خير مما روى الشعبي من تقسيم ذلك الرجل العاقل فيهم أمر محمد بأنه إما نبي وإما ملك لأن هذا نظر دنياوي وما روى الرواة من أنهم تركوا الملاعنة لعلمهم بنبوته أحج لنا على سائر الكفرة وأليق بحال محمد صلى الله عليه وسلم ودعاء النساء والأنبياء للملاعنة أهز للنفوس وأدعى لرحمة الله أو لغضبه على المبطلين وظاهر الأمر أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءهم بما يخصه ولو عزموا استدعى المؤمنين بأبنائهم ونسائهم ويحتمل أنه كان يكتفي بنفسه وخاصته فقط سورة آل عمران 62 - 64 * (هذا) * خبر من الله تعالى جزم مؤكد فصل به بين المختصمين والإشارة ب * (هذا) * هي إلى ما تقدم في أمر عيسى عليه السلام قاله ابن عباس وابن جريج وابن زيد وغيرهم و * (القصص) * معناه الأخبار تقول قص يقص قصا وقصصا إذا تتبع الأمر يخبر به شيئا بعد شيء أنه قال قوم هو مأخوذ من قص الأثر وقوله * (لهو) * يحتمل أن يكون فصلا ويحتمل أن يكون ابتداء و " من " قوله * (من اله) * مؤكدة بعد النفي وهي التي يتم الكلام دونها لكنها تعطي معنى التأكيد وقوله تعالى * (فإن الله عليم بالمفسدين) * وعيد واختلف المفسرون من المراد بقوله * (قل يا أهل الكتاب تعالوا) * فقال قتادة ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا يهود المدينة إلى الكلمة السواء وهم الذين حاجوا في إبراهيم وقاله الربيع وابن جريج وقال محمد بن جعفر بن الزبير نزلت الآية في وفد نجران وقاله السدي وقال ابن زيد لما أبى أهل نجران ما دعوا إليه من الملاعنة دعوا إلى أيسر من ذلك وهي الكلمة السواء والذي يظهر لي أن الآية نزلت في وفد نجران لكن لفظ * (أهل الكتاب) * يعمهم وسواهم من النصارى واليهود فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يهود المدينة بالآية وكذلك كتب بها إلى هرقل عظيم الروم وكذلك ينبغي أن يدعى بها أهل الكتاب إلى يوم القيامة وقرأ جمهور الناس إلى كلمة بفتح الكاف وكسر اللام وروى أبو
(٤٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 453 ... » »»