المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٤١٠
وأما قول النابغة (بسمر كالقداح مسومات * عليها معشر أشباه جن) الوافر فيحتمل أن يريد المطهمة الحسان ويحتمل أن يريد المعلمة بالشيات ويحتمل أن يريد المعدة وقد فسر الناس قوله تعالى " مسومة عند ربك " هود 83 بمعنى معدة وقال ابن زيد في قوله تعالى * (والخيل المسومة) * معناه المعدة للجهاد قال القاضي أبو محمد عبد الحق قوله للجهاد ليس من تفسير اللفظة * (والأنعام) * الأصناف الأربعة الإبل والبقر والضأن والمعز * (والحرث) * هنا اسم لكل ما يحرث وهو مصدر سمي به تقول حرث الرجل إذا أثار الأرض لمعنى الفلاحة فيقع اسم الحرث على زرع الحبوب وعلى الجنات وغير ذلك من أنواع الفلاحة وقوله تعالى * (إذ يحكمان في الحرث) * الأنبياء 78 أنه قال جمهور المفسرين كان كرما والمتاع ما يستمتع به وينتفع مدة ما منحصرة و * (المآب) * المرجع تقول آب الرجل يؤوب ومنه قول الشاعر (رضيت من الغنيمة بالإياب *) الوافر وقول الآخر بشر بن أبي خازم (إذا ما القارظ العنزي آبا *) الوافر وقول عبيد (وغائب الموت لا يؤوب *) مخلع البسيط وأصل مآب مأوب نقلت حركة الواو إلى الهمزة وأبدل من الواو ألف مثل مقال فمعنى الآية تقليل أمر الدنيا وتحقيرها والترغيب في حسن المرجع إلى الله تعالى في الآخرة وفي قوله * (زين للناس) * تحسر ما على نحو ما في قول النبي صلى الله عليه وسلم تتزوج المرأة لأربع الحديث وقوله تعالى * (قل أؤنبئكم) * آل عمران 15 بمثابة قول النبي صلى الله عليه وسلم " فاظفر بذات الدين " سورة آل عمران 15 في هذه الآية تسلية عن الدنيا وتقوية لنفوس تاركيها وذكر تعالى حال الدنيا وكيف استقر تزيين شهواتها ثم جاء الإنباء بخير من ذلك هازا للنفوس وجامعا لها لتسمع هذا النبأ المستغرب النافع لمن عقل وأنبىء معناه أخبر وذهبت فرقة من الناس إلى أن الكلام الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله تم في قوله تعالى * (عند ربهم) * و * (جنات) * على هذا مرتفع بالابتداء المضمر تقديره ذلك جنات وذهب آخرون إلى أن الكلام تم في قوله * (من ذلكم) * وأن قوله * (للذين) * خبر متقدم و * (جنات) * رفع بالابتداء وعلى التأويل الأول يجوز في * (جنات) * الخفض بدلا من خير ولا يجوز ذلك على التأويل الثاني والتأويلان
(٤١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 415 ... » »»