باب في الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب الله تعالى اعلم أن القصد إلى إيجاز العبارة قد يسوق المتكلم في التفسير إلى أن يقول خاطب الله بهذه الآية المؤمنين وشرف الله بالذكر الرجل المؤمن من آل فرعون وحكى الله تعالى عن أم موسى أنها قالت قصيه ووقف الله ذرية آدم على ربوبيته بقوله (ألست بربكم) الأعراف 172 ونحو هذا من إسناد أفعال إلى الله تعالى لم يأت إسنادها بتوقيف من الشرع وقد استعمل هذه الطريقة المفسرون والمحدثون والفقهاء واستعملها أبو المعالي في الإرشاد وذكر بعض الأصوليين أنه لا يجوز أن يقال حكى الله ولا ما جرى مجراه قال القاضي أبو محمد عبد الحق وهذا على تقرير هذه الصفة له وثبوتها مستعملة كسائر أوصافه تبارك وتعالى وأما إذا استعمل ذلك في سياق الكلام والمراد منه حكت الآية أو اللفظ فذلك استعمال عربي شائع وعليه مشى الناس وأنا أتحفظ منه في هذا التعليق جهدي لكني قدمت هذا الباب لما عسى أن أقع فيه نادرا واعتذارا عما وقع فيه المفسرون من ذلك وقد استعملت العرب أشياء في ذكر الله تعالى تنحمل على مجاز كلامها فمن ذلك قول أبي عامر يرتجز بالنبي صلى الله عليه وسلم فاغفر فداء لك ما اقتفينا وقول أم سلمة فعزم الله لي في الحديث في موت أبي سلمة وإبدال الله لها منه رسول الله ومن ذلك قولهم الله يدري كذا وكذا والدراية إنما هي التأتي للعلم بالشيء حتى يتيسر ذلك قال أبو علي واحتج بعض أهل النظر على جواز هذا الإطلاق بقول الشاعر الجوهري (لاهم لا أدري وأنت الداري *) الرجز قال أبو علي وهذا لا ثبت فيه لأنه يجوز أن يكون من غلط الاعراب قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه وكذلك أقول إن الطريقة كلها عربية لا يثبت للنظر المنخول شيء منها وقد أنشد بعض البغداديين (لا هم إن كنت الذي بعهدي * ولم تغيرك الأمور بعدي) الرجز وقد أنه قال العجاج فارتاح ربي وأراد رحمتي وقال الآخر قد يصبح الله إمام الساري
(٥٤)