باب معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم (إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه)) اختلف الناس في معنى هذا الحديث اختلافا شديدا فذهب فريق من العلماء إلى أن تلك الحروف السبعة هي فيما يتفق أن يقال على سبعة أوجه فما دونها كتعال وأقبل وإلي ونحوي وقصدي وأقرب وجىء وكاللغات التي في أف وكالحروف التي في كتاب الله فيها قراءات كثيرة وهذا قول ضعيف وقال ابن شهاب في كتاب مسلم بلغني أن تلك السبعة الأحرف إنما هي في الأمر الذي يكون واحدا لا يختلف في حلال ولا حرام قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه وهذا كلام محتمل وقال فريق من العلماء إن المراد بالسبعة الأحرف معاني كتاب الله تعالى وهي أمر ونهي ووعد ووعيد وقصص ومجادلة وأمثال وهذا أيضا ضعيف لأن هذه لا تسمى أحرفا وأيضا فالإجماع أن التوسعة لم تقع في تحريم حلال ولا في تحليل حرام ولا في تغيير شيء من المعاني المذكورة وحكى صاحب الدلائل عن بعض العلماء وقد حكى نحوه القاضي أبو بكر بن الطيب أنه قال تدبرت وجوه الاختلاف في القراءة فوجدتها سبعة منها ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته مثل هن أطهر وأطهر ومنها ما لا تتغير صورته ويتغير معناه بالإعراب مثل ربنا باعد وباعد ومنها ما تبقى صورته ويتغير معناه باختلاف الحروف مثل ننشرها وننشزها ومنها ما تتغير صورته ويبقى معناه كقوله * (كالعهن المنفوش) * القارعة 5 وكالصوف المنفوش ومنها ما تتغير صورته ومعناه مثل * (وطلح منضود) * الواقعة 29 وطلع منضود ومنها بالتقديم والتأخير كقوله * (وجاءت سكرة الموت بالحق) * ق 19 وسكرة الحق بالموت ومنها بالزيادة والنقصان كقوله تسع وتسعون نعجة أنثى وذكر القاضي أبو بكر بن الطيب في معنى هذه السبعة الأحرف حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إن هذا القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف نهي وأمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وائتمروا وانتهوا واعتبروا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه) قال القاضي أبو محمد فهذا تفسير منه صلى الله عليه وسلم للأحرف السبعة ولكن ليست هذه التي أجاز لهم القراءة بها على اختلافها وإنما الحرف في هذه بمعنى الجهة والطريقة ومنه قوله تعالى
(٤٣)